كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
وَبَيْنَ الْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا. وَأَمَّا مَنْ يَجْعَلُ الْجَمِيعَ نَوْعًا وَاحِدًا فَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِنْ جَعَلَ الْحُبَّ وَالرِّضَا مِنْ هَذَا النَّوْعِ لَزِمَتْهُ (¬1) تِلْكَ الْمَحَاذِيرُ الشَّنِيعَةُ، وَإِنْ جَعَلَ الْحُبَّ وَالرِّضَا نَوْعًا لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِرَادَةَ، وَقَالَ (¬2) : إِنَّهُ قَدْ يُحِبُّ وَيَرْضَى مَا لَا يُرِيدُهُ بِحَالٍ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَقْصُودُهُ بِقَوْلِهِ: " لَا يُرِيدُهُ " (¬3) أَيْ لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ وَوُجُودَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ عِنْدَهُ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ.
فَهَذَا يَجْعَلُ الْإِرَادَةَ هِيَ الْمَشِيئَةَ لِأَنْ يَخْلُقَ. وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ اصْطِلَاحَ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى السُّنَّةِ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، فَهُوَ خِلَافُ (¬4) اسْتِعْمَالِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ النِّزَاعُ مَعَهُ لَفْظِيًّا. وَأَحَقُّ النَّاسِ بِالصَّوَابِ فِي الْمُنَازَعَاتِ اللَّفْظِيَّةِ مَنْ كَانَ لَفْظُهُ مُوَافِقًا لِلَفْظِ الْقُرْآنِ.
وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقُرْآنَ (¬5) جَعَلَ هَذَا النَّوْعَ مُرَادًا، فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِطْلَاقِ (¬6) الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِمَا لَا يُرِيدُهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ (¬7) أَنَّ الْإِرَادَةَ نَوْعَانِ، وَأَنَّهُ يَأْمُرُ [بِمَا يَشَاؤُهُ (¬8) فَيَأْمُرُ] (¬9) بِمَا لَا يُرِيدُ أَنْ يَخْلُقَهُ هُوَ، وَلَا يَأْمُرُ إِلَّا بِمَا يُحِبُّهُ لِعِبَادِهِ (¬10) وَيَرْضَاهُ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ.
¬_________
(¬1) أ، ب: لَزِمَهُ
(¬2) ن، م: فَيُقَالُ.
(¬3) ب فَقَطْ: بِقَوْلِهِ مَا لَا يُرِيدُ.
(¬4) ن، م: بِخِلَافِ.
(¬5) أ، ب: أَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ وَعِنْدَ كَلِمَةِ الْقُرْآنِ يُوجَدُ نَقْصٌ فِي أَوْرَاقٍ مُصَوَّرَةٍ (م) إِذْ فُقِدَتْ وَرَقَةٌ مِنْهَا، وَلِذَلِكَ سَتَتَوَقَّفُ الْمُقَابَلَةُ حَتَّى أَوَّلِ الْوَرَقَةِ التَّالِيَةِ.
(¬6) أ، ب: لِإِطْلَاقِ.
(¬7) أ، ب: بَلْ يُبَيِّنُ.
(¬8) أ، ب: بِمَا يَشَاءُ.
(¬9) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(¬10) أ: لِعَبْدِهِ ; ب: لِعَبِيدِهِ.
الصفحة 187