كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ (¬1) : " وَاللَّهِ لِأَفْعَلَنَّ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيَّ أَوْ مَا يُحِبُّهُ [اللَّهُ] لِي (¬2) إِنْ شَاءَ اللَّهُ " وَلَمْ يَفْعَلْ، لَمْ يَحْنَثْ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. وَلَوْ قَالَ: " وَاللَّهِ لِأَفْعَلَنَّ مَا أَوْجَبَ (¬3) اللَّهُ عَلَيَّ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ " حَنِثَ إِنْ (¬4) لَمْ يَفْعَلْهُ بِلَا نِزَاعٍ نَعْلَمُهُ (¬5) .
وَعَلَى هَذَا فَقَدَ ظَهَرَ بُطْلَانُ حُجَّةِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ: كُلُّ عَاقِلٍ يَنْسِبُ مَنْ يَأْمُرُ بِمَا لَا يُرِيدُ وَيَنْهَى عَمَّا يُرِيدُ إِلَى السَّفَهِ. قِيلَ لَهُ: إِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَمْرٍ لَمْ (¬6) يُرِدْ أَنْ يَفْعَلَهُ لَهُ: هَلْ يَكُونُ سَفِيهًا (¬7) أَمْ لَا؟
وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ أَنَّ مَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَمْرٍ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَفْعَلَ هُوَ ذَلِكَ الْأَمْرَ (¬8) وَلَا يُعِينُهُ عَلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا، بَلْ أَوَامِرُ الْحُكَمَاءِ وَالْعُقَلَاءِ (¬9) كُلُّهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَالطَّبِيبُ إِذَا أَمَرَ الْمَرِيضَ بِشُرْبِ الدَّوَاءِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعَاوِنَهُ عَلَى شُرْبِهِ، وَالْمُفْتِي إِذَا أَمَرَ الْمُسْتَفْتِي بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعَاوِنَهُ، وَالْمُشِيرُ إِذَا أَمَرَ الْمُسْتَشِيرَ بِتِجَارَةٍ أَوْ فِلَاحَةٍ [أَوْ نِكَاحٍ] (¬10) ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ هُوَ ذَلِكَ (¬11) .
¬_________
(¬1) ع، ن: الرَّجُلُ.
(¬2) ن: وَمَا يُحِبُّهُ لِي، أ، ب: أَوْ مَا يُحِبُّهُ لِي
(¬3) ن: مَا أَوْجَبَهُ.
(¬4) ن، ع: إِذَا.
(¬5) أ: هَلَّا نِزَاعٌ بِعِلْمِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، ن: بِلَا نِزَاعٍ.
(¬6) أ، ب: وَلَمْ.
(¬7) ع: سَفَهًا.
(¬8) أ: وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَفْعَلَهُ هُوَ ذَلِكَ الْأَمْرَ ; ب: وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الْأَمْرَ.
(¬9) ع، ن: الْعُقَلَاءِ وَالْحُكَمَاءِ.
(¬10) أَوْ نِكَاحٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬11) أ، ب: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ.

الصفحة 188