كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
انْقَطَعُوا، وَذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ (¬1) إِذَا قَالُوا: يَفْعَلُ لِغَرَضٍ. قِيلَ لَهُمْ: نِسْبَةُ وُجُودِ الْغَرَضِ (¬2) وَعَدَمُهُ إِلَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ، أَوْ وُجُودُ الْغَرَضِ (¬3) أَوْلَى بِهِ. فَإِنْ قَالُوا: هُمَا عَلَى السَّوَاءِ، امْتَنَعَ مَعَ هَذَا أَنْ يَفْعَلَ لِمَا وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ سَوَاءٌ. وَهَذَا مَعْدُودٌ مِنَ السُّفَهَاءِ فِينَا، وَهَذَا هُوَ الْعَبَثُ فِينَا.
فَإِنْ قَالُوا: فَعَلَ لِنَفْعِ الْعِبَادِ.
قِيلَ: الْوَاحِدُ مِنَ النَّاسِ إِنَّمَا يَنْفَعُ غَيْرَهُ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي الدِّينِ أَوِ الدُّنْيَا. أَمَّا الْتِذَاذُهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ (¬4) ، كَمَا يُوجَدُ فِي النُّفُوسِ الْكَرِيمَةِ (¬5) الَّتِي إِنَّمَا تَلْتَذُّ (¬6) وَتَبْتَهِجُ بِالْإِحْسَانِ إِلَى غَيْرِهَا، وَهَذَا مَصْلَحَةٌ وَمَنْفَعَةٌ لَهَا.
وَأَمَّا دَفْعُ أَلَمِ الرِّقَّةِ (¬7) عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ إِذَا رَأَى جَائِعًا بَرْدَانَ تَأَلَّمَ لَهُ فَيُعْطِيهِ، فَيَزُولُ الْأَلَمُ عَنْ نَفْسِهِ. وَزَوَالُ الْأَلَمِ مَنْفَعَةٌ [لَهُ] (¬8) وَمَصْلَحَةٌ، دَعْ مَا سِوَى هَذَا مِنْ رَجَاءِ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ وَالْمُكَافَأَةِ، أَوِ الْأَجْرِ مِنَ اللَّهِ [تَعَالَى] (¬9) فَتِلْكَ مَطَالِبُ مُنْفَصِلَةٌ (¬10) ، وَلَكِنْ هَذَانِ أَمْرَانِ مَوْجُودَانِ فِي نَفْسِ الْفَاعِلِ، فَمَنْ نَفَعَ غَيْرَهُ، وَكَانَ (¬11) وُجُودُ النَّفْعِ وَعَدَمُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ سَوَاءً مِنْ
¬_________
(¬1) ن: بِأَنَّهُمْ أ، ب: أَنَّهُمْ.
(¬2) أ: الْعَرَضِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(¬3) أ: الْعَرَضِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(¬4) إِلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬5) الْكَرِيمَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬6) أ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا يَلْتَذُّ، ع: لَهُ تَلْتَذُّ، ن: أَنَّهَا تَلْتَذُّ.
(¬7) ن: الرَّقَبَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬8) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬9) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ن) .
(¬10) أ: مُتَّصِلَةٌ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬11) ن: وَلَوْ كَانَ.
الصفحة 192