كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
مِنَ الْخَوَارِجِ وَالنَّوَاصِبِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقِيمُوا الْحُجَّةَ عَلَى أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ وَالِاعْتِدَالِ الْمُتَّبِعِينَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ] (¬1) .
وَلِهَذَا نَبَّهْنَا عَلَى [بَعْضِ] (¬2) مَا فِي أَقْوَالِهِمْ مِنَ التَّنَاقُضِ وَالْفَسَادِ (¬3) الَّذِي لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ (¬4) . وَالْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مُتَكَلِّمَةِ أَهْلِ (¬5) الْإِثْبَاتِ انْتَدَبُوا لِبَيَانِ تُنَاقِضِهِمْ فِي أُصُولِهِمْ (¬6) وَأَوْعَبُوا (¬7) فِي بَيَانِ تَنَاقُضِ أَقْوَالِهِمْ (¬8) .
وَحِكَايَةُ الْأَشْعَرِيِّ مَعَ الْجُبَّائِيِّ فِي الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ مَشْهُورَةٌ، فَإِنَّهُمْ يُوجِبُونَ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَفْعَلَ بِكُلِّ عَبْدٍ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُ (¬9) فِي دِينِهِ. وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَالْبَغْدَادِيُّونَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ يُوجِبُونَهُ أَيْضًا، وَالْبَصْرِيُّونَ لَا يُوجِبُونَهُ.
فَقَالَ لَهُ: إِذَا خَلَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ إِخْوَةٍ، فَمَاتَ أَحَدُهُمْ صَغِيرًا، وَبَلَغَ الْآخَرَانِ: أَحَدُهُمَا آمَنَ، وَالْآخَرُ كَفَرَ، فَأَدْخَلَ الْمُؤْمِنَ الْجَنَّةَ وَرَفَعَ دَرَجَتَهُ، وَأَدْخَلَ الصَّغِيرَ الْجَنَّةَ وَجَعَلَ مَنْزِلَتَهُ تَحْتَهُ. قَالَ لَهُ الصَّغِيرُ: يَا رَبِّ ارْفَعْنِي إِلَى دَرَجَةِ أَخِي. قَالَ: إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَهُ ; إِنَّهُ آمَنَ وَعَمِلَ الصَّالِحَاتِ (¬10) ،
¬_________
(¬1) وَالسُّنَّةِ، سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) ، وَهُنَا يَنْتَهِي السَّقْطُ الطَّوِيلُ فِي نُسْخَةٍ (ن) .
(¬2) بَعْضِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬3) أ، ب، ع: مِنَ الْفَسَادِ.
(¬4) أ، ب: يُضْبَطُ.
(¬5) أَهْلِ: زِيَادَةٌ فِي (ن) .
(¬6) أ، ب: أَصْلِهِمْ.
(¬7) أ: وَأَذْعَنُوا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ: وَعَبَ الشَّيْءَ وَعْبًا وَأَوْعَبَهُ وَاسْتَوْعَبَهُ، أَخَذَهُ أَجْمَعَ.
(¬8) أ، ب: الْأَقْوَالِ.
(¬9) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬10) أ، ب: وَعَمِلَ صَالِحًا.
الصفحة 198