كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

وَهَذَا الْقَوْلُ يُرْوَى عَنْ (¬1) إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ (¬2) ، قَالَ: مَا خَاصَمْتُ بِعَقْلِي كُلِّهِ إِلَّا الْقَدَرِيَّةَ، قُلْتُ: لَهُمْ (¬3) أَخْبِرُونِي مَا الظُّلْمُ؟ قَالُوا: (¬4) أَنْ يَتَصَرَّفَ الْإِنْسَانُ فِي مَا لَيْسَ لَهُ. قُلْتُ: فَلِلَّهِ كُلُّ شَيْءٍ.
وَهُمْ (¬5) لَا يُسَلِّمُونَ أَنَّهُ لَوْ عَذَّبَهُ بِسَبَبِ لَوْنِهِ وَطُولِهِ وَقِصَرِهِ كَانَ ظَالِمًا حَتَّى يُحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِهَذَا الْقِيَاسِ، بَلْ يُجَوِّزُونَ التَّعْذِيبَ لَا بِجُرْمٍ (¬6) سَابِقٍ وَلَا لِغَرَضٍ لَاحِقٍ. وَهَذَا الْمُشَنِّعُ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الظُّلْمَ مَقْدُورٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْهُ. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ [مِنَ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ وَنُفَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ النُّظَّارِ الْمُثْبِتَةِ لِلْقَدَرِ، كَالْكَرَامِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي خَازِمِ (¬7) . (¬8) وَغَيْرِهِ وَهَذَا] (¬9) كَتَعْذِيبِ الْإِنْسَانِ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [سُورَةُ طه 112] .
¬_________
(¬1) ب، أ: يَرُدُّ عَلَى، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬2) أَبُو وَاثِلَةَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةٍ الْمُزَنِيُّ، سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 2/304.
(¬3) لَهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (ب) ، (أ) فَقَطْ.
(¬4) ع: قَالَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬5) ن، م: وَهَؤُلَاءِ.
(¬6) ع: بِلَا ظُلْمٍ ; م: بِلَا جُرْمٍ.
(¬7) ب، أ، ع،: أَبِي حَازِمٍ. وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَّاءِ. سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/143، 2/286
(¬8) بْنِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى
(¬9) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

الصفحة 22