كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

فِيهِ مِنَ الْمَضَرَّةِ، كَمَا أَنَّ أَمْرَ الْوَالِي بِعُقُوبَةِ الظَّالِمِ يَسُرُّ الْوَالِي لِمَا فِيهِ مِنَ الْحِكْمَةِ (¬1) ، وَهُوَ عَدْلُهُ وَأَمْرُهُ بِالْعَدْلِ، وَذَلِكَ يَضُرُّ الْمُعَاقَبَ لِمَا عَلَيْهِ فِيهِ مِنَ الْأَلَمِ.
وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ هَذَا الْوَالِيَ كَانَ سَبَبًا فِي حُصُولِ ذَلِكَ الظُّلْمِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يُلَامُ عَلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ عُذْرًا لِلظَّالِمِ، مِثْلَ حَاكِمٍ شَهِدَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ (¬2) بِمَالٍ لِغَرِيمٍ (¬3) ، فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ أَوْ عُقُوبَتِهِ، حَتَّى أَلْجَأَهُ ذَلِكَ إِلَى أَخْذِ مَالٍ آخَرَ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُوَفِّيَهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ أَيْضًا يُعَاقِبُهُ [فِيهِ] (¬4) ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتَ (¬5) حَبَسَتْنِي وَكُنْتَ عَاجِزًا عَنِ الْوَفَاءِ، وَلَا (¬6) طَرِيقَ لِي إِلَى الْخَلَاصِ إِلَّا أَخْذَ مَالِ هَذَا، لَكَانَ حَبْسُهُ الْأَوَّلُ ضَرَرًا عَلَيْهِ، وَعُقُوبَتُهُ ثَانِيًا عَلَى أَخْذِ مَالِ [الْغَيْرِ] (¬7) ضَرَرًا عَلَيْهِ وَالْوَالِي يَقُولُ: أَنَا حَكَمْتُ بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ، فَلَا ذَنَبَ لِي فِي ذَلِكَ، وَغَايَتِي أَنِّي أَخْطَأْتُ، وَالْحَاكِمُ إِذَا أَخْطَأَ لَهُ أَجْرٌ. وَقَدْ يَفْعَلُ كُلٌّ مِنَ الرَّجُلَيْنِ بِالْآخَرِ (¬8) مِنَ الضَّرَرِ مَا يَكُونُ فِيهِ (¬9) مَعْذُورًا، وَالْآخَرُ مُعَاقَبًا، بَلْ (¬10) مَظْلُومًا لَكِنْ بِتَأْوِيلٍ.
¬_________
(¬1) ن، م: لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ.
(¬2) الْبَيِّنَةُ هُنَا الشَّاهِدَانِ، قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي غَرِيبِ الْقُرْآنِ: وَالْبَيِّنَةُ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَقْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مَحْسُوسَةً، وَسُمِّيَ الشَّاهِدَانِ بَيِّنَةً لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ.
(¬3) ن، م: لِلْغَرِيمِ.
(¬4) فِيهِ: فِي (ع) فَقَطْ.
(¬5) أَنْتَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬6) ع: لَا، وَسَقَطَتْ مِنْ (أ) .
(¬7) ن، م، ع: عَلَى أَخْذِ الْمَالِ.
(¬8) بِالْآخَرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(¬9) ع: مَا لَا يَكُونُ فِيهِ. أ، ب: مَا يَكُونُ.
(¬10) بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .

الصفحة 35