كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا لَيْسَ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَلَيْسَ مَذْهَبُهُمْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُبَايَعَةِ وَاحِدٍ قُرَشِيٍّ (¬1) تَنْعَقِدُ بَيْعَتُهُ، وَيَجِبُ عَلَى جَمِيعِ (¬2) النَّاسِ طَاعَتُهُ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْكَلَامِ فَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ (¬3) وَالْجَمَاعَةِ بَلْ قَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (¬4) : مَنْ بَايَعَ رَجُلًا بِغَيْرِ (¬5) مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يُبَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا ". الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَسَيَأْتِي بِكَمَالِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.] (¬6) .
¬_________
(¬1) وَبِمُجَرَّدِ مُبَايَعَتِهِ وَاحِدًا قُرَشِيًّا.
(¬2) (جَمِيعِ) : سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬3) ن، م: قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَ: قَوْلَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ.
(¬4) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬5) ن، م، و: عَنْ غَيْرِ.
(¬6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) وَهَذَا جُزْءٌ مِنْ أَثَرٍ طَوِيلٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي صَحِيحِهِ 8/168 - 170 (كِتَابُ الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ، بَابُ رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَا إِذَا زَنَتْ) ، وَأَوَّلُهُ. . عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا. . . إِلَخْ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَالْأَثَرِ 3/156: (التَّغِرَّةُ مَصْدَرُ غَرَرْتُهُ إِذَا أَلْقَيْتَهُ فِي الْغَرَرِ وَهِيَ مِنَ التَّغْرِيرِ كَالتَّعِلَّةِ وَالتَّعْلِيلِ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْبَيْعَةَ حَقُّهَا أَنْ تَقَعَ صَادِرَةً عَنِ الْمَشْهُورَةِ وَالِاتِّفَاقِ، فَإِذَا اسْتَبَدَّ رَجُلَانِ دُونَ الْجَمَاعَةِ فَبَايَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَذَلِكَ تَظَاهُرٌ مِنْهُمَا بِشَقِّ الْعَصَا وَاطِّرَاحِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ عُقِدَ لِأَحَدٍ بَيْعَةٌ فَلَا يَكُونُ الْمَعْقُودُ لَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلِيَكُونَا مَعْزُولَيْنِ مِنَ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَتَّفِقُ عَلَى تَمْيِيزِ الْإِمَامِ مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ إِنْ عُقِدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَدِ ارْتَكَبَ تِلْكَ الْفَعْلَةَ الشَّنِيعَةَ الَّتِي أَحْفَظَتِ الْجَمَاعَةَ مِنَ التَّهَاوُنِ بِهِمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ رَأْيِهِمْ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُقْتَلَا) وَجَاءَ الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 1/323 - 327.
الصفحة 386