كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
فِيهِمْ خُرُوجٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فَخُرُوجُ الْإِمَامِيَّةِ عَنِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ أَكْثَرُ وَأَشَدُّ. فَكَيْفَ بِقَوْلِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ الْمُوَافِقِ (¬1) لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِطَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، دُونَ مَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ (¬2) النَّاسَ قَدْ تَنَازَعُوا فِي وَلِيِّ الْأَمْرِ الْفَاسِقِ وَالْجَاهِلِ: هَلْ يُطَاعُ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ (¬3) مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَيُنَفَّذُ حُكْمُهُ وَقَسْمُهُ إِذَا وَافَقَ الْعَدْلَ؟ أَوْ لَا يُطَاعُ فِي شَيْءٍ، وَلَا يُنَفَّذُ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِهِ وَقَسْمِهِ؟ أَوْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ الْقَاضِي وَنَحْوِهِ مِنَ الْفُرُوعِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَضْعَفُهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ: هُوَ رَدُّ جَمِيعِ أَمْرِهِ وَحُكْمِهِ وَقَسْمِهِ، وَأَصَحُّهَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ: أَنْ يُطَاعَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ مُطْلَقًا وَيُنَفَّذَ حُكْمُهُ وَقَسْمُهُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ عَدْلًا مُطْلَقًا، حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ الْجَاهِلَ وَالظَّالِمَ يُنَفَّذُ حُكْمُهُ بِالْعَدْلِ (¬4) وَقَسْمُهُ (¬5) بِالْعَدْلِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (¬6) ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ عَزْلُهُ إِذَا فَسَقَ إِلَّا بِقِتَالٍ وَفِتْنَةٍ، بِخِلَافِ الْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ
¬_________
(¬1) أ، و: فَكَيْفَ تَقُولُ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ الْمُوَافِقُونَ، ن: فَكَيْفَ تَقُولُ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ الْمُوَافِقَ، ب: فَكَيْفَ بِقَوْلِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ الْمُوَافِقِينَ.
(¬2) إِنَّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬3) أ، ب: فِيمَا أَمَرَ بِهِ.
(¬4) سَاقِطٌ مِنْ أ، ب
(¬5) أ، ب: وَقِسْمَتُهُ.
(¬6) أ، ب، م: وَغَيْرِهِ.
الصفحة 390