كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - (¬1) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سَيَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ، قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ: لَا مَا صَلُّوا» ". (¬2) فَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قِتَالِهِمْ مَعَ إِخْبَارِهِ أَنَّهُمْ يَأْتُونَ أُمُورًا مُنْكَرَةً، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ كَمَا يَرَاهُ مَنْ يُقَاتِلُ وُلَاةَ الْأَمْرِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَطَائِفَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (¬3) قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ» " (¬4) .
فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْأُمَرَاءَ يَظْلِمُونَ وَيَفْعَلُونَ أُمُورًا مُنْكَرَةً، وَمَعَ هَذَا فَأُمِرْنَا أَنْ (¬5) نُؤْتِيَهُمُ الْحَقَّ الَّذِي لَهُمْ، وَنَسْأَلَ اللَّهَ الْحَقَّ الَّذِي لَنَا، وَلَمْ يَأْذَنْ فِي أَخْذِ الْحَقِّ بِالْقِتَالِ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي تَرْكِ الْحَقِّ الَّذِي لَهُمْ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (¬6) عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى
¬_________
(¬1) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬2) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/116 وَعَلَّقْتُ عَلَيْهِ هُنَاكَ.
(¬3) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬4) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/118 وَعَلَّقْتُ عَلَيْهِ هُنَاكَ.
(¬5) أ، ب: أُمِرْنَا ; و: فَأُمِرَ بِأَنْ.
(¬6) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

الصفحة 392