كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 6] فَأَمَرَ بِالتَّبَيُّنِ (¬1) إِذَا جَاءَ الْفَاسِقُ بِنَبَأٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الظُّلْمَ لَا يَمْنَعُ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَةِ وَلَا مِنَ الْأَمْرِ بِهَا.
وَهَذَا مِمَّا يُوَافِقُ عَلَيْهِ الْإِمَامِيَّةُ، فَإِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِتَخْلِيدِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فِي النَّارِ (¬2) فَالْفِسْقُ عِنْدَهُمْ لَا يُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ [كُلَّهَا] (¬3) (* بِخِلَافِ مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ، الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفِسْقَ يُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ كُلَّهَا *) (¬4) ، وَلَوْ حَبِطَتْ حَسَنَاتُهُ كُلُّهَا (¬5) لَحَبِطَ إِيمَانُهُ، وَلَوْ حَبِطَ إِيمَانُهُ لَكَانَ (¬6) كَافِرًا مُرْتَدًّا فَوَجَبَ (¬7) قَتْلُهُ.
وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ (¬8) تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّانِيَ وَالسَّارِقَ وَالْقَاذِفَ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرْتَدٍّ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} الْأَيَّةَ [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 9] يَدُلُّ (¬9) عَلَى وُجُودِ الْإِيمَانِ وَالْأُخُوَّةِ مَعَ الِاقْتِتَالِ وَالْبَغْيِ.
¬_________
(¬1) بِالتَّبَيُّنِ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ بِالتَّبْيِينِ.
(¬2) فِي النَّارِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(¬3) كُلَّهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(¬4) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(¬5) ن، م: وَلَوْ حَبِطَتِ الْحَسَنَاتُ كُلُّهَا، و: وَلَوْ حَبِطَ الْحَسَنَاتُ كُلُّهَا.
(¬6) ن، م: كَانَ.
(¬7) أ، ب: فَيَجِبُ.
(¬8) وَالْإِجْمَاعِ: سَاقِطَةٌ مِنَ (م) ، (و) .
(¬9) ن، م: فَدَلَّ.

الصفحة 396