كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

وَحَرَّفُوا أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ، وَأَحْدَثُوا (¬1) مَذَاهِبَ أَرْبَعَةً لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (¬2) وَلَا زَمَنِ صَحَابَتِهِ (¬3) ، وَأَهْمَلُوا أَقَاوِيلَ (¬4) الصَّحَابَةِ، مَعَ أَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى تَرْكِ الْقِيَاسِ، وَقَالُوا: أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ ".
فَيُقَالُ: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ دَعْوَاهُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِإِمَامَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ، فَقَدْ عُرِفَ فِيهِمْ طَوَائِفُ لَا يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ، كَالْمُعْتَزِلَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ (¬5) ، وَكَالظَّاهِرِيَّةِ كَدَاوُدَ وَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمَا، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ.
وَأَيْضًا فَفِي الشِّيعَةِ (¬6) مَنْ يَقُولُ بِالْقِيَاسِ كَالزَّيْدِيَّةِ. فَصَارَ النِّزَاعُ فِيهِ بَيْنَ الشِّيعَةِ كَمَا هُوَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: الْقِيَاسُ وَلَوْ قِيلَ (¬7) : إِنَّهُ ضَعِيفٌ هُوَ خَيْرٌ مِنْ تَقْلِيدِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ فِي الْعِلْمِ مَبْلَغَ الْمُجْتَهِدِينَ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ (¬8) عِلْمٌ
¬_________
(¬1) أ، ب: وَاتَّخَذُوا.
(¬2) ك: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
(¬3) أ، ب: وَلَا زَمَنِ الصَّحَابَةِ، م: وَلَا زَمَنِ أَصْحَابِهِ، و: وَلَا مِنْ زَمَانِ صَحَابَتِهِ، ك: وَلَا فِي زَمَنِ صَحَابَتِهِ.
(¬4) ب: تَأْوِيلَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬5) أ، ب: كَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْبَغْدَادِيِّينَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬6) ن، م: وَفِي الشِّيعَةِ، و: وَأَيْضًا فِي الشِّيعَةِ.
(¬7) قِيلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ أ، ب
(¬8) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

الصفحة 401