كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
وَأَحْمَدُ لَمْ يَكُنْ يَظُنُّ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ نِزَاعًا (¬1) حَتَّى أَفْتَى بِقَتْلِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَالَّذِينَ قَالُوهَا كَالشَّافِعِيِّ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ رَأَوُا النَّسَبَ مُنْتَفِيًا لِعَدَمِ الْإِرْثِ (¬2) ، فَانْتَفَتْ أَحْكَامُهُ كُلُّهَا، وَالتَّحْرِيمُ (¬3) مِنْ أَحْكَامِهِ، وَالَّذِينَ أَنْكَرُوهَا (¬4) قَالُوا: أَحْكَامُ الْأَنْسَابِ (¬5) تَخْتَلِفُ، فَيَثْبُتُ لِبَعْضِ الْأَنْسَابِ مِنَ الْأَحْكَامِ مَا لَا يَثْبُتُ لِبَعْضٍ، فَبَابُ التَّحْرِيمِ يَتَنَاوَلُ مَا شَمَلَهُ اللَّفْظُ وَلَوْ مَجَازًا حَتَّى تَحْرُمَ بِنْتُ الْبِنْتِ، بَلْ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، فَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَائِهِ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ، بِخِلَافِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِهِ، فَيَثْبُتُ لِوَلَدِ الْبَنِينَ دُونَ وَلَدِ الْبَنَاتِ.
وَأَمَّا عَقْدُهُ عَلَى ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، فَأَبُو حَنِيفَةَ جَعَلَ ذَلِكَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ لِوُجُودِ صُورَةِ الْعَقْدِ. وَأَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ شُبْهَةً، بَلْ قَالُوا: هَذَا مِمَّا يُوجِبُ تَغْلِيظَ الْحَدِّ عُقُوبَةً (¬6) لِكَوْنِهِ فَعَلَ مُحَرَّمَيْنِ: الْعَقْدَ وَالْوَطْءَ (¬7) .
¬_________
(¬1) أ، ص: يَظُنُّ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ نِزَاعٌ، ن: يَظُنُّ أَنَّ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ، م: يَظُنُّ أَنَّ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا، و: يَظُنُّ أَنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ نِزَاعٌ.
(¬2) عِنْدَ عِبَارَةِ (عَدَمِ الْإِرْثِ) تَبْدَأُ الْمُقَابَلَةُ مَعَ نُسْخَةِ ر؛ نُسْخَةُ جَامِعَةِ الرِّيَاضِ رَقْمُ 214 \ م. ت (الْفِيلْمُ رَقَمُ 29) الْجُزْءُ الثَّالِثُ.
(¬3) عِنْدَ كَلِمَةِ " وَالتَّحْرِيمُ " تَبْدَأُ الْمُقَابَلَةُ مَعَ نُسْخَةِ هـ؛ نُسْخَةُ جَامِعَةِ الْإِمَامِ رَقْمُ 5264.
(¬4) ن، م: أَنْكَرُوهُ.
(¬5) ن، م، و: النَّسَبِ.
(¬6) تَغْلِيظَ الْحَدِّ عُقُوبَةً: كَذَا فِي (أ) ، (ب) ، وَفِي (ن) ، (م) ، (و) ، (ص) ، (هـ) : تَغْلِيظَ الْعُقُوبَةِ، وَفِي (ر) : تَغْلِيظَ عُقُوبَتِهِ.
(¬7) أ: فِعْلُ مُحَرَّمٍ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ، ب: فَعَلَ مُحَرَّمًا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ.
الصفحة 421