كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ أَنْ (¬1) يَقُولُوا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} .
وَالدُّعَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ لِشَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ غَيْرِ حَاصِلٍ يَكُونُ (¬2) مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى. وَهَذِهِ الْهِدَايَةُ الْمَطْلُوبَةُ غَيْرُ الْهُدَى الَّذِي هُوَ بَيَانُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبْلِيغِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سُورَةُ النُّورِ: 21] .
وَقَالَ الْخَلِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 128] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: 24] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 41] .
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُبَيِّنُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اخْتِصَاصَهُ (¬3) عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْهُدَى وَالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالْعَقْلُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إِذَا (¬4) قُدِّرَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْفِعْلِ مِنَ الْفَاعِلِ كَمَا هِيَ مِنَ التَّارِكِ، كَانَ
¬_________
(¬1) ب: بِأَنْ وَسَقَطَتْ مِنْ (أ) .
(¬2) ب، أ: غَيْرِ حَاصِلٍ بَلْ يَكُونُ.
(¬3) ب: يُبَيِّنُ اخْتِصَاصَ، أ: يُبَيِّنُ اخْتِصَاصَهُ، ن: تُبَيِّنُ تَعَالَى اخْتِصَاصَ ; م: يُبَيِّنُ اللَّهُ اخْتِصَاصَ.
(¬4) ب، أ: فَإِذَا.

الصفحة 45