كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

الْأَحَادِيثِ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا يَرْوِيهِ أَهْلُ السُّنَّةِ بِأَسَانِيدِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْحَدِيثُ نَفْسُهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بَلْ قَدْ طَعَنَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَابْنِ حَزْمٍ (¬1) وَغَيْرِهِ، وَلَكِنْ قَدْ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ أَهْلُ الْمَسَانِيدِ (¬2) . كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ (¬3) . .
فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ عَلَى أُصُولِكُمْ ثُبُوتُهُ حَتَّى تَحْتَجُّوا بِهِ؟ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَهُوَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَحْتَجُّوا (¬4) . فِي أَصْلٍ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ (¬5) . وَإِضْلَالِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ - إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً - بِأَخْبَارِ الْآحَادِ الَّتِي لَا يَحْتَجُّونَ هُمْ بِهَا فِي الْفُرُوعِ الْعِلْمِيَّةِ؟ !
وَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنْ أَعْظَمِ التَّنَاقُضِ (¬6) . وَالْجَهْلِ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ تَفْسِيرُهُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (¬7) . «سُئِلَ عَنِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ، فَقَالَ: " مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» ". وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ: " «هُمُ الْجَمَاعَةُ» ". وَكُلٌّ مِنَ التَّفْسِيرَيْنِ يُنَاقِضُ قَوْلَ الْإِمَامِيَّةِ، وَيَقْتَضِي أَنَّهُمْ
¬_________
(¬1) قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْفَصْلِ 3/292 هَذَانِ حَدِيثَانِ حَدِيثُ " الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ "، وَحَدِيثُ افْتِرَاقِ الْأُمَّةِ، لَا يَصِحَّانِ أَصْلًا مِنْ طَرِيقِ الْإِسْنَادِ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَيْسَ حُجَّةً عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَكَيْفَ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ؟
(¬2) ب: الْأَسَانِيدِ، و: الْمَسَانِدِ
(¬3) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص [0 - 9] 04 - 105
(¬4) و: تَحْتَجَّ
(¬5) هـ، ر: فِي أَصْلِ الدِّينِ، ص، و: فِي أَصْلِ أُصُولِ الدِّينِ
(¬6) أ، ب: وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ التَّنَاقُضِ
(¬7) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب)

الصفحة 456