كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

الْفِعْلِ: إِمَّا بِبَقَائِهَا (¬1) عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِبَقَاءِ الْأَعْرَاضِ (¬2) ، وَإِمَّا بِتَجَدُّدِ أَمْثَالِهَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْأَعْرَاضَ لَا تَبْقَى، وَهَذِهِ قَدْ تَصْلُحُ (¬3) لِلضِّدَّيْنِ.
وَأَمْرُ اللَّهِ لِعِبَادِهِ مَشْرُوطٌ بِهَذِهِ الطَّاقَةِ، فَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ مَنْ لَيْسَتْ مَعَهُ هَذِهِ الطَّاقَةُ، وَضِدُّ هَذِهِ الْعَجْزُ، وَهَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 25] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 42] ، وَقَوْلُهُ فِي الْكَفَّارَةِ: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ: 4] فَإِنَّ هَذَا نَفْيٌ لِاسْتِطَاعَةِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَلَا يَكُونُ مَعَ الْفِعْلِ.
وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: " «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا (¬4) ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» " (¬5) ، فَإِنَّمَا نَفَى اسْتِطَاعَةً لَا فِعْلَ مَعَهَا.
¬_________
(¬1) ب، م: إِمَّا بِنَفْسِهَا ; أ، ن: إِمَّا بِنَفْيِهَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬2) ن، م: عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْأَعْرَاضَ تَبْقَى.
(¬3) ب، أ، م: وَهَذَا قَدْ يَصْلُحُ.
(¬4) ن، م: فَجَالِسًا.
(¬5) الْحَدِيثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 2/48

الصفحة 48