كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

الْحَالَ الَّذِي يُقَرِّبُهُ إِلَى ذِي الْجَلَالِ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مِنْ ذَوِي (¬1) الْعِلْمِ وَالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ الَّذِينَ لَا يَضْمَنُونَ لَهُ إِلَّا مَا ضَمِنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَكَانَ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَئِمَّةُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ كَالْمُعِزِّ وَالْحَاكِمِ وَأَمْثَالِهِمَا أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مِنْ أَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ ; لِأَنَّ أُولَئِكَ يَدَّعُونَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ وَكَشْفِ بَاطِنِ الشَّرِيعَةِ وَعُلُوِّ الدَّرَجَةِ أَعْظَمَ مِمَّا تَدَّعِيهِ الِاثْنَا عَشْرِيَّةَ لِأَصْحَابِهِمْ، وَيَضْمَنُونَ لَهُ (¬2) هَذَا مَعَ اسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ، فَيَقُولُونَ لَهُ: قَدْ أَسْقَطْنَا عَنْكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالزَّكَاةَ، وَضَمَنَّا لَكَ بِمُوَالَاتِنَا الْجَنَّةَ [وَنَحْنُ قَاطِعُونَ بِذَلِكَ] (¬3)
وَالِاثْنَا عَشْرِيَّةَ يَقُولُونَ: لَا يَسْتَحِقُّ (¬4) الْجَنَّةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَاتِ وَيَتْرُكَ الْمُحَرَّمَاتِ (¬5) فَإِنْ كَانَ اتِّبَاعُ الْجَازِمِ بِمُجَرَّدِ جَزْمِهِ أَوْلَى، كَانَ اتِّبَاعُ هَؤُلَاءِ أَوْلَى مِنِ اتِّبَاعِ مَنْ يَقُولُ: أَنْتَ إِذَا أَذْنَبْتَ يُحْتَمَلُ أَنْ تُعَاقَبَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْفَى عَنْكَ، فَيَبْقَى بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْجَزْمِ لَا يَدُلُّ عَلَى عِلْمِ صَاحِبِهِ وَلَا عَلَى صِدْقِهِ، وَأَنَّ التَّوَقُّفَ وَالْإِمْسَاكَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الدَّلِيلُ هُوَ عَادَةُ الْعُقَلَاءِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ (¬6) " إِنَّهُمْ جَازِمُونَ بِحُصُولِ النَّجَاةِ لَهُمْ دُونَ أَهْلِ السُّنَّةِ " كَذِبٌ كَذِبٌ: (¬7) ، فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّنْ
¬_________
(¬1) أ، ب: أَوْلَى مِنِ اتِّبَاعِ ذَوِي.
(¬2) أ، ب، ن، م: لَهُمْ.
(¬3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (هـ) . .
(¬4) أ، ب، ن، م: لَا نَسْتَحِقُّ.
(¬5) أ، ب، ن، م: نُؤَدِّيَ الْوَاجِبَاتِ وَنَتْرُكَ الْمُحَرَّمَاتِ.
(¬6) أ، ب، ن، م: قَوْلُهُمْ.
(¬7) سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

الصفحة 495