كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

عِصْمَتُهُ (¬1) وَلَا أَحَدَ يَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ بِهِ هَذَا الْغَائِبُ الْمُنْتَظَرُ، فَضْلًا عَنِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ نَائِبِهِ مُوَافِقًا أَوْ مُخَالِفًا. فَإِنِ ادَّعَوْا أَنَّ النُّوَّابَ عَالِمُونَ بِأَمْرِ مَنْ قَبْلَهُ (¬2) ، فَعِلْمُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَمُّ وَأَكْمَلُ مِنْ عِلْمِ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِ مَنْ يَدَّعُونَ (¬3) عِصْمَتَهُ، وَلَوْ طُولِبَ أَحَدُهُمْ بِنَقْلٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ بِمَا يَقُولُونَهُ عَنْ عَلِيٍّ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ لَمَا وَجَدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا. وَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْإِسْنَادِ وَالْعِلْمِ بِالرِّجَالِ النَّاقِلِينَ مَا (¬4) لِأَهْلِ السُّنَّةِ.

الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ ضَمِنَ السَّعَادَةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَأَطَاعَ رَسُولَهُ، وَتَوَعَّدَ بِالشَّقَاءِ لِمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَمَنَاطُ السَّعَادَةِ طَاعَةُ (¬5) اللَّهِ وَرَسُولِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 69] وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَاللَّهُ تَعَالَى (¬6) يَقُولُ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سُورَةُ التَّغَابُنِ: 16] ، فَمَنِ اجْتَهَدَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِ (¬7) كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
فَقَوْلُ الرَّافِضَةِ (¬8) : لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ إِمَامِيًّا، كَقَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ
¬_________
(¬1) أ، ب: لِمَنْ يَدَّعِي الْعِصْمَةَ.
(¬2) أ، ب: عَامِلُونَ بِأَمْرِ مَنْ قَبْلَهُمْ.
(¬3) ن، م، و: يَدَّعِي.
(¬4) ن، م: بِمَا.
(¬5) ن: إِطَاعَةُ.
(¬6) أ، ب: وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى.
(¬7) أ، ب: بِحَسَبِ الِاسْتِطَاعَةِ.
(¬8) أ، ب: فَقَوْلُ الرَّافِضِيِّ.

الصفحة 505