كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

عِبَادِهِ (¬1) أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. أَتُدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ [حَقُّهُمْ عَلَيْهِ] أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ» " (¬2) .
فَالِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ حَالُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ بِمَا يَفْعَلُونَ وَيَتْرُكُونَ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ. وَهُمْ إِنَّمَا يَحْتَجُّونَ بِهِ فِي تَرْكِ حَقِّ رَبِّهِمْ وَمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ، لَا فِي تَرْكِ مَا يَرَوْنَهُ حَقًّا لَهُمْ [وَلَا فِي مُخَالَفَةِ أَمْرِهِمْ] (¬3) .
وَلِهَذَا تَجِدُ [كَثِيرًا مِنْ] (¬4) الْمُحْتَجِّينَ بِهِ (¬5) وَالْمُسْتَنِدِينَ إِلَيْهِ مِنَ النُّسَّاكِ وَالصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ، وَالْعَامَّةِ وَالْجُنْدِ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ، يَفِرُّونَ إِلَيْهِ عِنْدَ اتِّبَاعِ الظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ عِلْمٌ وَهُدًى لَمْ يَحْتَجُّوا بِالْقَدَرِ أَصْلًا، بَلْ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْهُدَى وَالْعِلْمِ (¬6) .
¬_________
(¬1) ن، م: حَقُّهُ عَلَيْهِمْ.
(¬2) م، ن: إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ. وَالْحَدِيثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 8/105 (كِتَابُ الرِّقَاقِ، بَابُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ) وَأَوَّلُهُ: بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا آخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ: " يَا مُعَاذُ " قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: " يَا مُعَاذُ " قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: " يَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ " قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: " هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ. . . . الْحَدِيثُ. وَهُوَ أَيْضًا فِي: الْبُخَارِيِّ 9/114 (كِتَابُ التَّوْحِيدِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى) ; مُسْلِمٍ 1/58 - 59 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَطْعًا) ; سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 4/135 - 136 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ افْتِرَاقِ هَذِهِ الْأُمَّةِ) ; سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 2/1435 - 1436 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ; الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/260 - 261 (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) .
(¬3) وَلَا فِي مُخَالَفَةِ أَمْرِهِمْ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (ن) .
(¬4) كَثِيرًا مِنْ: فِي (ع) فَقَطْ.
(¬5) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬6) ن، م: الْعِلْمِ وَالْهُدَى.

الصفحة 58