كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

وَهَذَا أَصْلٌ شَرِيفٌ مَنِ اعْتَنَى بِهِ عَلِمَ (¬1) مَنْشَأَ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ (¬2) . وَلِهَذَا تَجِدُ الْمَشَايِخَ وَالصَّالِحِينَ (¬3) الْمُتَّبِعِينَ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ كَثِيرًا مَا يُوصُونَ أَتْبَاعَهُمْ بِاتِّبَاعِ الْعِلْمِ وَالشَّرْعِ لِأَنَّهُ كَثِيرًا (¬4) مَا يَعْرِضُ لَهُمْ إِرَادَاتٌ فِي أَشْيَاءَ وَمَحَبَّةٌ لَهَا، فَيَتَّبِعُونَ فِيهَا أَهْوَاءَهُمْ ظَانِّينَ أَنَّهَا دِينُ اللَّهِ (¬5) ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ إِلَّا الظَّنُّ وَالذَّوْقُ وَالْوَجْدُ (¬6) الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى مَحَبَّةِ النَّفْسِ وَإِرَادَتِهَا، فَيَحْتَجُّونَ تَارَةً بِالْقَدَرِ (¬7) ، وَتَارَةً بِالظَّنِّ وَالْخَرْصِ، وَهُمْ مُتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِذَا اتَّبَعُوا الْعِلْمَ، وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ الشَّارِعُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجُوا عَنِ الظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ، وَاتَّبَعُوا مَا مَا جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ، وَهُوَ الْهُدَى.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [سُورَةُ طه: 123] .
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْمَعْنَى عَنِ الْمُشْرِكِينَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَالنَّحْلِ وَالزُّخْرُفِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 20] فَبَيَّنَ (¬8) أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِذَلِكَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ.
¬_________
(¬1) ع، ن: مَنِ اعْتَنَى بِهِ عَرَفَ، م: مَنِ اعْتَمَدَ بِهِ عَرَفَ.
(¬2) ع: وَالُغَىُّ بَيْنَ النَّاسِ.
(¬3) ع: الْمَشَايِخَ الصَّالِحِينَ.
(¬4) ب: يُوصُونَ أَتْبَاعَهُمْ بِالْعِلْمِ بِالشَّرْعِ فَإِنَّ كَثِيرًا، أ: يُوصُونَ أَتْبَاعَهُمُ بِالْعِلْمِ بِالشَّرْعِ فَإِنَّ كَثِيرًا، م: يُوصَفُونَ أَتْبَاعُهُمْ بِاتِّبَاعِ الْعِلْمِ وَالشَّرْعِ لِأَنَّهُمْ كَثِيرًا، ن: يُوصَفُونَ أَتْبَاعُهُمْ بِاتِّبَاعِ الْعِلْمِ وَالشَّرْعِ لِأَنَّهُ كَثِيرًا
(¬5) م فَقَطْ: أَهْوَاءَهُمْ مِيرَاثُهُمْ دِينُ اللَّهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬6) ب: وَالْوِجْدَانُ، أ: وَالْوَاجِدُ
(¬7) ن: بِالْقُدْرَةِ.
(¬8) ب، أ: ن: فَتَبَيَّنَ.

الصفحة 59