كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)
وَلَا بِهَذَا. فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ الْقَائِلِينَ بِخِلَافَةِ (¬1) الثَّلَاثَةِ هُوَ الصَّوَابُ، وَأَنَّ مَنْ أَخْطَأَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ فِي شَيْءٍ فَخَطَأُ الشِّيعَةِ أَعْظَمُ مِنْ خَطَئِهِمْ (¬2) .
وَهَذَا السُّؤَالُ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى مَنْ يُسَوِّغُ الِاحْتِجَاجَ بِالْقَدَرِ وَيُقِيمُ عُذْرَ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ إِذَا عَصَى بِكَوْنِ هَذَا مُقَدَّرًا عَلَيَّ (¬3) ، وَيَرَى أَنَّ شُهُودَ هَذَا هُوَ شُهُودُ الْحَقِيقَةِ، أَيِ الْحَقِيقَةِ الْكَوْنِيَّةِ. وَهَؤُلَاءِ كَثِيرُونَ فِي النَّاسِ، وَفِيهِمْ (¬4) مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنَ الْخَاصَّةِ الْعَارِفِينَ أَهْلِ التَّوْحِيدِ الَّذِينَ فَنُوا فِي [تَوْحِيدِ] (¬5) الرُّبُوبِيَّةِ، وَيَقُولُ (¬6) إِنَّ الْعَارِفَ إِذَا فَنِيَ (¬7) فِي شُهُودِ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ لَمْ يَسْتَحْسِنْ حَسَنَةً وَلَمْ يَسْتَقْبِحْ سَيِّئَةً، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ (¬8) : مَنْ شَهِدَ الْإِرَادَةَ سَقَطَ عَنْهُ الْأَمْرُ، وَيَقُولُ بَعْضُهُمُ: الْخِضْرُ (¬9) إِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ التَّكْلِيفُ لِأَنَّهُ شَهِدَ الْإِرَادَةَ، وَهَذَا الضَّرْبُ كَثِيرٌ فِي مُتَأَخِّرِي الشُّيُوخِ وَالنُّسَّاكِ (¬10) [وَالصُّوفِيَّةِ] (¬11) وَالْفُقَرَاءِ، بَلْ وَفِي (¬12) الْفُقَهَاءِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْعَامَّةِ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَؤُلَاءِ شَرٌّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ الَّذِينَ يُقِرُّونَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ
¬_________
(¬1) ع: بِإِمَامَةِ.
(¬2) هُنَا يَنْتَهِي السَّقْطُ فِي نُسْخَتَيْ (ن) ، (م) ، وَبَدَأَ فِي ص 72.
(¬3) ب: بِأَنَّ هَذَا مُقَدَّرٌ عَلَيَّ، م: بِأَنَّ هَذَا مُقَدَّرًا عَلَيَّ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬4) ن، م: وَمِنْهُمْ.
(¬5) تَوْحِيدِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬6) ب، أ: وَيَقُولُونَ.
(¬7) إِذَا فَنِيَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬8) ن: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ.
(¬9) ب، أ: الْخِضْرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
(¬10) أ، ب: الشُّيُوخِ النُّسَّاكِ.
(¬11) وَالصُّوفِيَّةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬12) ب، أ، م، ن: بَلْ فِي.
الصفحة 76