كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ يُعَذِّبُ أَنْبِيَاءَهُ (¬1) وَلَا أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ مِنْهُ عَذَابُ أَنْبِيَائِهِ، بَلْ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ يُثِيبُهُمْ لَا مَحَالَةَ (¬2) [لَا يَقَعُ مِنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ] (¬3) ، لِأَنَّهُ وَعَدَ بِذَلِكَ وَأَخْبَرَ بِهِ، وَهُوَ صَادِقُ الْمِيعَادِ، وَعُلِمَ ذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ.
ثُمَّ مِنْ (¬4) مُتَكَلِّمَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّمَا عُلِمَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ خَبَرِهِ الصَّادِقِ (¬5) ، وَهِيَ الدَّلَالَةُ السَّمْعِيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ قَدْ يُعْلَمُ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْخَبَرِ وَيُعْلَمُ بِأَدِلَّةٍ عَقْلِيَّةٍ. وَإِنْ كَانَ الشَّارِعُ قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهَا وَأَرْشَدَ إِلَيْهَا، كَمَا إِذَا عُلِمَتْ حِكْمَتُهُ وَرَحْمَتُهُ وَعَدْلُهُ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ إِكْرَامَ مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِالصِّفَاتِ الْمُنَاسِبَةِ لِذَلِكَ، [كَمَا] قَالَتْ: خَدِيجَةُ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ] قَبْلَ (¬6) أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ: وَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا (¬7) ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلَ الْكَلَ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ (¬8) .
¬_________
(¬1) أ، ب: فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمُ: اللَّهُ يُعَذِّبُ نَبِيًّا.
(¬2) أ، ب: عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُهُمْ لَا مَحَالَةَ ; ن: عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُثِيبَهُمْ لَا مَحَالَةَ، م: عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُثِيبَهُمْ عَلَى مَحَالِهِ.
(¬3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬4) ب: بِالضَّرُورَةِ إِذْ مِنْ. . . . إِلَخْ، أ: بِالضَّرُورَةِ مِنْ. . إِلَخْ.
(¬5) ن، م: خَبَرِ الصَّادِقِ.
(¬6) أ، ب: كَمَا قَالَتْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَبْلَ. . . . . . ; ن: قَالَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ ; م: قَالَتْ خَدِيجَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ. . . . ; ع: كَمَا قَالَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ. . . . .، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتَهُ.
(¬7) أَبَدًا: فِي (ن) ، (م) فَقَطْ.
(¬8) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَأَوَّلُهُ وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ. . . . .، الْحَدِيثَ. وَالْحَدِيثُ فِي: الْبُخَارِيِّ 1/3 - 4 (كِتَابُ بَدْءِ الْوَحْيِ، بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ) ، وَتَكَرَّرَ الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، انْظُرْ فَتْحَ الْبَارِي ط السَّلَفِيَّةِ: الْأَرْقَامَ: 3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982، وَالْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي مُسْلِمٍ 1/139 - 142 (كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ بَدْءِ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، الْمُسْنَدَ ط الْحَلَبِيِّ 6/223، 233.

الصفحة 87