كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 3)

مُسْتَلْزِمَةً لِمَدْلُولِهَا الَّذِي هُوَ صِدْقُ الرَّسُولِ، دَالَّةً عَلَى ذَلِكَ لِمَنْ نَظَرَ فِيهَا (¬1) ، وَإِذَا أَرَادَ خَلْقَهَا وَأَرَادَ هَذَا التَّلَازُمَ حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى الصِّدْقِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ أَحَدَ الْمَرَادَيْنِ (¬2) لِأَجْلِ الْآخَرِ، إِذِ الْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِإِرَادَتِهِمَا (¬3) جَمِيعًا.
فَإِنْ قِيلَ: الْمُعْجِزُ لَا يُدْلِ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَدُلُّ لِلْعِلْمِ (¬4) بِأَنَّ فَاعِلَهُ أَرَادَ بِهِ التَّصْدِيقَ.
قِيلَ: هَذَا مَوْضِعُ النِّزَاعِ. وَنَحْنُ لَيْسَ مَقْصُودُنَا نَصْرَ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ يَفْعَلُ لَا لِحِكْمَةٍ، بَلْ هَذَا الْقَوْلُ مَرْجُوحٌ (¬5) عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ (¬6) أَنْ نُبَيِّنَ حُجَّةَ الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ، وَأَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ خَيْرٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِذَا كَانَ فَاعِلًا لِلْقَبِيحِ جَازَ أَنْ يُصَدَّقَ الْكَذَّابُ "، هَذِهِ حُجَّةٌ ثَانِيَةٌ (¬7) ، وَجَوَابُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا هُوَ قَبِيحٌ مِنْهُ، وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، يَقُولُ: إِنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ قَبِيحٌ (¬8) مِنْهُمْ لَا مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ ضَارٌّ لَهُمْ (¬9) لَا لَهُ.
ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ فَاعِلُ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَالْأَكْثَرُونَ يَقُولُونَ:
¬_________
(¬1) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬2) ن: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ أَحَدُ الْمَرَادَيْنِ ; م: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ.
(¬3) م: إِذًا الْمَقْصُودُ وَيَحْصُلُ بِإِزَائِهِمَا.
(¬4) أ، ب: الْعِلْمُ.
(¬5) ع: بَلْ هَذَا مَرْجُوحٌ ; ن: بَلْ هَذَا الْقَوْلُ مَرْجُوعٌ ; م: بَلْ هَذَا الْقَوْلُ بِمَرْجُوحٍ.
(¬6) أ، ب: وَالْمَقْصُودُ.
(¬7) ب: هَذِهِ الْحُجَّةُ ثَانِيَةٌ ; أ: هَذِهِ الْحُجَّةُ ثَابِتَةٌ ; ن: وَهَذِهِ حُجَّةٌ ثَابِتَةٌ ; م: وَهَذِهِ حُجَّةٌ ثَانِيَةٌ.
(¬8) أ، ب: الْقَبِيحَ.
(¬9) أ، ب، ن، م: كَمَا أَنَّهُ صَارَ لَهُمْ.

الصفحة 96