كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 4)

عَلَى مُخَالِفِهِمْ، وَلَيْسَ فِي التَّعَصُّبِ أَعْظَمُ مِنَ الْكَذِبِ، وَحَتَّى أَنَّهُمْ فِي التَّعَصُّبِ جَعَلُوا لِلْبِنْتِ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ، لِيَقُولُوا: إِنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَرِثَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ [- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -] (¬1) ، وَحَتَّى أَنَّ فِيهِمْ مَنْ حَرَّمَ لَحْمَ الْجَمَلِ (¬2) ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ قَاتَلَتْ عَلَى جَمَلٍ، فَخَالَفُوا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَالْقَرَابَةَ لِأَمْرٍ لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ (¬3) ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْجَمَلَ الَّذِي رَكِبَتْهُ عَائِشَةُ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] (¬4) مَاتَ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ حَيٌّ فَرُكُوبُ الْكُفَّارِ عَلَى الْجِمَالِ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَهَا، وَمَا زَالَ الْكُفَّارُ يَرْكَبُونَ جِمَالًا (¬5) وَيَغْنَمُهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ، وَلَحْمُهَا حَلَالٌ لَهُمْ، فَأَيُّ شَيْءٍ فِي رُكُوبِ عَائِشَةَ لِلْجَمَلِ مِمَّا (¬6) يُوجِبُ تَحْرِيمَ لَحْمِهِ؟ .
وَغَايَةُ مَا يَفْرِضُونَ أَنَّ بَعْضَ مَنْ يَجْعَلُونَهُ كَافِرًا رَكِبَ جَمَلًا (¬7) ، مَعَ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ مُفْتَرُونَ فِيمَا يَرْمُونَ بِهِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.
وَمِنْ تَعَصُّبِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ (¬8) " الْعَشَرَةِ " بَلْ يَقُولُونَ: تِسْعَةٌ وَوَاحِدٌ. وَإِذَا بَنَوْا أَعْمِدَةً أَوْ غَيْرَهَا لَا يَجْعَلُونَهَا عَشَرَةً، وَهُمْ يَتَحَرَّوْنَ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أُمُورِهِمْ.
¬_________
(¬1) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬2) ص، هـ، ر: حَرَّمَ أَكْلَ لَحْمِ الْجَمَلِ.
(¬3) ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(¬4) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬5) أ، ب: الْجِمَالَ.
(¬6) ن، م، ر، ص، هـ، أ: مَا: وَسَقَطَتْ مِنْ (ب) . وَمَا أَثْبَتُّهُ مِنْ (و) . وَفِي (ص) : فَلَيْسَ رُكُوبُ عَائِشَةَ لِلْجَمَلِ مَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ لَحْمِهِ.
(¬7) ن، م، ر، ص، هـ: الْجَمَلَ.
(¬8) ن، م: لَا يَذْكُرُونَ فِي أَبْنِيَتِهِمْ.

الصفحة 138