كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 4)

لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةَ مِنْ جَحْدِهِمْ لِهَذَا (¬1) وَجَهْلِهِمْ بِهِ بِمَنْزِلَةِ إِنْكَارِهِمْ لِكَوْنِ (¬2) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ دُفِنَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْكَارِهِمْ لِمُوَالَاةِ (¬3) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَدَعْوَاهُمْ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى عَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ. بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ زَيْنَبُ وَرُقَيَّةُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ مِنْ بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَقُولُونَ: إِنَّهُنَّ لِخَدِيجَةَ مِنْ زَوْجِهَا الَّذِي كَانَ كَافِرًا قَبْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ عُمَرَ غَصَبَ بِنْتَ عَلِيٍّ حَتَّى زَوَّجَهُ بِهَا، وَأَنَّهُ تَزَوَّجَ غَصْبًا فِي الْإِسْلَامِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُمْ بَعَجُوا بَطْنَ فَاطِمَةَ حَتَّى أُسْقِطَتْ، وَهَدَمُوا سَقْفَ بَيْتِهَا عَلَى مَنْ فِيهِ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأَكَاذِيبِ الَّتِي يَعْلَمُ مَنْ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ أَنَّهَا كَذِبٌ، فَهُمْ دَائِمًا يَعْمِدُونَ إِلَى الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ يُنْكِرُونَهَا، وَإِلَى الْأُمُورِ الْمَعْدُومَةِ الَّتِي لَا حَقِيقَةَ لَهَا يُثْبِتُونَهَا. فَلَهُمْ أَوْفَرُ نَصِيبٍ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ} سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ فَهُمْ يَفْتَرُونَ الْكَذِبَ وَيُكَذِّبُونَ بِالْحَقِّ، وَهَذَا حَالُ الْمُرْتَدِّينَ.
وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَنِ اتَّبَعَهُمَا ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ (¬4)
. وَقَدْ عَلِمَ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الَّذِي قَاتَلَ الْمُرْتَدِّينَ، فَإِذَا كَانُوا يَدَّعُونَ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَامَةِ مَظْلُومُونَ قُتِلُوا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَكَانُوا مُنْكِرِينَ لِقِتَالِ أُولَئِكَ
¬_________
(¬1) أ، ب: لِحَجْرِهِمْ لِهَذَا.
(¬2) ب (فَقَطْ) : كَوْنِ.
(¬3) ن، م: مُوَالَاةَ.
(¬4) ر، هـ: عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.

الصفحة 493