كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 4)
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: " وَلَا شَكَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ أَعْبَدَ الْمَلَائِكَةِ ".
فَيُقَالُ: مَنِ الَّذِي قَالَ هَذَا مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ؟ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ؟ وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ عَالِمٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَهُوَ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالنَّقْلِ، وَلَمْ يَنْقِلْ هَذَا أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: [لَا] (¬1) بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ. فَإِنْ كَانَ قَالَهُ بَعْضُ الْوُعَّاظِ أَوِ الْمُصَنِّفِينَ فِي الرَّقَائِقِ، أَوْ بَعْضُ مَنْ يَنْقُلُ فِي التَّفْسِيرِ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ مَا لَا إِسْنَادَ لَهُ (¬2) ، فَمِثْلُ هَذَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي جُرْزَةِ بَقْلٍ (¬3) ، فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِهِ فِي جَعْلِ إِبْلِيسَ خَيْرًا (* مِنْ كُلِّ مَنْ عَصَى اللَّهَ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَيَجْعَلُ الصَّحَابَةَ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إِبْلِيسُ خَيْرٌ مِنْهُمْ *) (¬4) ؟ .
وَمَا وَصَفَ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِبْلِيسَ بِخَيْرٍ قَطُّ وَلَا بِعِبَادَةٍ (¬5) مُتَقَدِّمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (5 مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عِبَادَةٌ لَكَانَتْ قَدْ حَبِطَتْ بِكُفْرِهِ وَرِدَّتِهِ 5) (¬6) .
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: " لَا شَكَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ الْعَرْشَ
¬_________
(¬1) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(¬2) أ، ب: مَا لَا أَصْلَ لَهُ.
(¬3) و: فِي نَقْلٍ. وَفِي " لِسَانِ الْعَرَبِ ": " وَالْجُرْزَةُ ": الْحُزْمَةُ مِنَ الْقَتِّ وَنَحْوِهِ ".
(¬4) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و) .
(¬5) ب (فَقَطْ) : بِخَيْرٍ قَطُّ وَلَا بِعِبَادَةٍ. . .
(¬6) (5 - 5) : سَاقِطٌ مِنْ (و) .
الصفحة 510