كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 4)

وَإِنِ اعْتَقَدَ مِثْلَ هَذَا بَعْضُ الْجُهَّالِ، كَمَا يُحْكَى عَنْ بَعْضِ الْجُهَّالِ مِنَ الْأَكْرَادِ (¬1) وَنَحْوِهِمْ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ يَزِيدَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ (¬2) ، وَبَعْضُهُمْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ [الْمَهْدِيِّينَ] (¬3) ، فَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ يُحْكَى قَوْلُهُمْ. وَهُمْ مَعَ هَذَا الْجَهْلِ خَيْرٌ مِنْ جُهَّالِ الشِّيعَةِ وَمَلَاحِدَتِهِمُ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ إِلَهِيَّةَ عَلِيٍّ أَوْ نُبُوَّتَهُ، أَوْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ بَاطِنَ الشَّرِيعَةِ يُنَاقِضُ (¬4) ظَاهِرَهَا، كَمَا تَقُولُهُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ (¬5) وَالنُّصَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ خَوَاصِّهِمُ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَالْحَجُّ وَالزَّكَاةُ، وَيُنْكِرُونَ الْمَعَادَ، بَلْ غُلَاتُهُمْ يَجْحَدُونَ الصَّانِعَ، وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَنَّهُ نَسَخَ شَرِيعَتَهُ، وَيَعْتَقِدُونَ فِي أَئِمَّتِهِمْ، كَالَّذِي يُسَمُّونَهُ الْمَهْدِيَّ وَأَوْلَادِهِ، مِثْلِ الْمُعِزِّ وَالْحَاكِمِ وَأَمْثَالِهِمْ: أَنَّهُمْ أَئِمَّةٌ مَعْصُومُونَ. فَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ عِصْمَةَ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ كُلِّهِمْ كَانَ خَيْرًا مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ; فَإِنَّ خُلَفَاءَ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ مُسْلِمُونَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَذُنُوبُهُمْ مِنْ جِنْسِ ذُنُوبِ الْمُسْلِمِينَ، لَيْسُوا كُفَّارًا مُنَافِقِينَ.
وَهَؤُلَاءِ الْبَاطِنِيَّةُ هُمْ فِي الْبَاطِنِ أَكْفَرُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. فَمَنِ اعْتَقَدَ عِصْمَةَ هَؤُلَاءِ كَانَ أَعْظَمَ جَهْلًا وَضَلَالًا مِمَّنِ اعْتَقَدَ عِصْمَةَ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ
¬_________
(¬1) ن، م: بَعْضِ جُهَّالِ الْأَكْرَادِ.
(¬2) (ن) فَقَطْ: مِنَ الْأَنْصَارِ.
(¬3) الْمَهْدِيِّينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ: (ن) ، (م) .
(¬4) أ، ب: يُخَالِفُ.
(¬5) أ، ب: كَمَا تَقُولُهُ مَلَاحِدَةُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ.

الصفحة 519