كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 4)

سَادَاتِ الْعَرَبِ. وَلَمَّا سَمِعَ الْجَاهِلُ أَنَّهُ قَتَلَ الْأَشْرَافَ - وَفِي لُغَتِهِ أَنَّ الْأَشْرَافَ هُمُ (¬1) الْهَاشِمِيُّونَ أَوْ بَعْضُ الْهَاشِمِيِّينَ، فَفِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَنَّ الْأَشْرَافَ عِنْدَهُمْ وَلَدُ الْعَبَّاسِ، وَفِي بَعْضِهَا الْأَشْرَافُ عِنْدَهُمْ وَلَدُ عَلِيٍّ.
وَلَفْظُ " الْأَشْرَافِ " لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ يَتَعَلَّقُ بِبَنِي هَاشِمٍ، كَتَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ، وَأَنَّهُمْ آلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَالْحَجَّاجُ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِبِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ بَنُو أُمَيَّةَ حَتَّى نَزَعُوهَا مِنْهُ، لِأَنَّهُمْ مُعَظِّمُونَ لِبَنِي هَاشِمٍ.
وَفِي الْجُمْلَةِ فَمَا يُعْرَفُ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَبَوُا امْرَأَةً يَعْرِفُونَ أَنَّهَا هَاشِمِيَّةٌ، وَلَا سُبِيَ عِيَالُ الْحُسَيْنِ، بَلْ لَمَّا دَخَلُوا إِلَى بَيْتِ يَزِيدَ (¬2) قَامَتِ النِّيَاحَةُ فِي بَيْتِهِ، [وَأَكْرَمَهُمْ] (¬3) وَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْمُقَامِ عِنْدَهُ وَالذَّهَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَاخْتَارُوا الرُّجُوعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا طِيفَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ. وَهَذِهِ الْحَوَادِثُ فِيهَا مِنَ الْأَكَاذِيبِ (¬4) مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْعُقُوبَاتِ الْحَاصِلَةِ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ; فَلَا رَيْبَ أَنَّ قَتْلَ الْحُسَيْنِ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ، وَأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ وَالرَّاضِيَ بِهِ وَالْمُعِينَ عَلَيْهِ مُسْتَحِقٌّ لِعِقَابِ اللَّهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ أَمْثَالُهُ، لَكِنَّ قَتْلَهُ لَيْسَ بِأَعْظَمَ مِنْ قَتْلِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنَ النَّبِيِّينَ، وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَمَنْ قُتِلَ فِي حَرْبِ مُسَيْلِمَةَ، وَكَشُهَدَاءِ أُحُدٍ، وَالَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ، وَكَقَتْلِ عُثْمَانَ، وَقَتْلِ
¬_________
(¬1) هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ص) ، (ب) .
(¬2) أ، ب: دَخَلُوا دَارَ يَزِيدَ.
(¬3) وَأَكْرَمَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(¬4) أ، ب: مِنَ الْكَذِبِ.

الصفحة 559