كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 4)
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ وَقَوْلُهُ (¬1) : " «إِنَّ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ، وَقَدْ شُدَّتْ (¬2) يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ بِسَلَاسِلَ مِنْ نَارٍ، يُنَكَّسُ فِي النَّارِ حَتَّى يَقَعَ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ، وَلَهُ رِيحٌ يَتَعَوَّذُ أَهْلُ (¬3) النَّارِ إِلَى رَبِّهِمْ مِنْ شِدَّةِ نَتْنِ رِيحِهِ، وَهُوَ فِيهَا خَالِدٌ» " إِلَى آخِرِهِ.
فَهَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَحْيُونَ مِنَ الْمُجَازَفَةِ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (¬4) ، فَهَلْ يَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ؟ أَوْ يُقَدَّرُ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ؟ وَأَيْنَ عَذَابُ آلِ فِرْعَوْنَ [وَآلِ الْمَائِدَةِ] (¬5) وَالْمُنَافِقِينَ وَسَائِرِ الْكُفَّارِ؟ وَأَيْنَ قَتَلَةُ (¬6) الْأَنْبِيَاءِ، وَقَتَلَةُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ؟ .
وَقَاتِلُ عُثْمَانَ أَعْظَمُ إِثْمًا مِنْ قَاتِلِ الْحُسَيْنِ. فَهَذَا الْغُلُوُّ الزَّائِدُ يُقَابَلُ بِغُلُوِّ النَّاصِبَةِ، الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْحُسَيْنَ كَانَ خَارِجِيًّا، وَأَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ قَتْلُهُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (¬7) .
وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَرُدُّونَ غُلُوَّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْحُسَيْنَ
¬_________
(¬1) وَقَوْلُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬2) شُدَّتْ: كَذَا فِي (ص) ، (ب) ، (أ) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: شُدَّ.
(¬3) ب (فَقَطْ) : يَتَعَوَّذُ مِنْهُ أَهْلُ.
(¬4) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ.
(¬5) وَآلِ الْمَائِدَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(¬6) و: قَاتِلُو.
(¬7) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/564.
الصفحة 585