كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 4)
عَنِ النَّقَائِصِ الْمُنَافِيَةِ لِصِفَاتِ الْكَمَالِ، فَيُنَزَّهَ عَنِ الْمَوْتِ وَالسِّنَةِ وَالنَّوْمِ، وَالْعَجْزِ وَالْجَهْلِ وَالْحَاجَةِ، كَمَا نَزَّهَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، فَيُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ إِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنَفْيِ النَّقَائِصِ الْمُنَافِيَةِ لِلْكَمَالِ، وَيُنَزَّهَ عَنْ مُمَاثَلَةِ شَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَيُنَزَّهَ عَنِ النَّقَائِصِ مُطْلَقًا، وَيُنَزَّهَ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا مِثْلٌ مِنَ الْأَمْثَالِ.
وَأَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَإِنَّكُمْ سَلَبْتُمُوهُمْ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الْكَمَالِ وَعُلُوِّ الدَّرَجَاتِ، بِحَقِيقَةِ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَالِانْتِقَالِ مِنْ كَمَالٍ إِلَى مَا هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ (¬1) ، وَكَذَّبْتُمْ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَرَّفْتُمُ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَظَنَنْتُمْ أَنَّ انْتِقَالَ الْآدَمِيِّ مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْمِ، وَمِنَ الضَّلَالِ إِلَى الْهُدَى، وَمِنَ الْغَيِّ إِلَى الرَّشَادِ، تَنَقُّصًا (¬2) ، وَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ وَأَعْظَمِ قُدْرَتِهِ، حَيْثُ يَنْقُلُ الْعِبَادَ مِنَ النَّقْصِ إِلَى الْكَمَالِ، وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الَّذِي يَذُوقُ الشَّرَّ وَالْخَيْرَ وَيَعْرِفُهُمَا، يَكُونُ (¬3) حُبُّهُ لِلْخَيْرِ وَبُغْضُهُ لِلشَّرِّ أَعْظَمَ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ إِلَّا الْخَيْرَ. كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " إِنَّمَا تُنْقَضُ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً إِذَا نَشَأَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْجَاهِلِيَّةَ ".
وَأَمَّا تَنْزِيهُ الْأَئِمَّةِ فَمِنَ الْفَضَائِحِ الَّتِي يُسْتَحْيَا (¬4) مِنْ ذَكْرِهَا، لَا سِيَّمَا الْإِمَامِ الْمَعْدُومِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَا فِي دِينٍ وَلَا دُنْيَا.
وَأَمَّا تَنْزِيهُ الشَّرْعِ عَنِ الْمَسَائِلِ الرَّدِيَّةِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَمْ يَتَّفِقُوا
¬_________
(¬1) ن، م، و: وَالِانْتِقَالِ مِنْ نَقْصٍ إِلَى كَمَالٍ، وَكَلِمَةُ (مِنْهُ) سَاقِطَةٌ مِنْ نُسْخَةِ (ح) ، (ي) .
(¬2) تَنَقُّصًا: كَذَا فِي (ص) ، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: نَقْصٌ.
(¬3) وَيَعْرِفُهُمَا قَدْ يَكُونُ. .
(¬4) (ح) : يَسْتَحِقُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
الصفحة 590