كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 4)

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْحُكْمَ عَامًّا فِي آلِ الْبَيْتِ، وَأَنَّ عُقُوبَةَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ تُضَاعَفُ، وَتُضَاعَفُ حَسَنَاتُهُ، كَمَا تُضَاعَفُ الْعُقُوبَةُ وَالثَّوَابُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ (¬1) ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ كَرَامَةَ اللَّهِ تَعَالَى [لِعِبَادِهِ] (¬2) إِنَّمَا هِيَ بِالتَّقْوَى فَقَطْ. كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي السُّنَنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَسْوَدَ (¬3) عَلَى أَبْيَضَ، وَلَا لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ إِلَّا بِالتَّقْوَى. النَّاسُ مِنْ آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» " (¬4) .
وَقَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، النَّاسُ رَجُلَانِ:: مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ» " (¬5) .
فَالصَّلَاةُ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ حَقٌّ لَهُمْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ سَبَبٌ لِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ بِهَذَا النَّسَبِ (¬6) ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ بَنِي
¬_________
(¬1) ن، م، و، أ: فِي شَهْرِ الصِّيَامِ.
(¬2) لِعِبَادِهِ: زِيَادَةٌ فِي (ب) فَقَطْ.
(¬3) ن: بِالْأَسْوَدِ، و: أَسْوَدَ.
(¬4) فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/411 عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ. أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى. أَبَلَّغْتُ؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. . . " الْحَدِيثَ.
(¬5) مَضَى الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/521.
(¬6) ن، م، و، ر، ي: السَّبَبِ.

الصفحة 606