كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 4)

خُطْبَتِهِمْ (¬1) : الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ، الْمَهْدِيُّ الْمَعْلُومُ، الَّذِي بَشَّرْتَ بِهِ فِي صَرِيحِ وَحْيِكَ، الَّذِي اكْتَنَفْتَهُ بِالنُّورِ الْوَاضِحِ، وَالْعَدْلِ اللَّائِحِ، الَّذِي مَلَأَ الْبَرِيَّةَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا ".
وَهَذَا الْمُلَقَّبُ بِالْمَهْدِيِّ ظَهَرَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ (¬2) وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَكَانَ يَنْتَسِبُ (¬3) إِلَى أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ، لِأَنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ بِالْحَدِيثِ، فَادَّعَى أَنَّهُ هُوَ الْمُبَشَّرُ بِهِ، وَلَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَلَا مَلَأَ الْأَرْضَ كُلَّهَا قِسْطًا وَلَا عَدْلًا، بَلْ دَخَلَ فِي أُمُورٍ مُنْكَرَةٍ، وَفَعَلَ أُمُورًا حَسَنَةً.
وَقَدِ ادَّعَى قَبْلَهُ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ عُبَيْدُ اللَّهِ (¬4) بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ (¬5) ، وَلَكِنْ لَمْ
¬_________
(¬1) فِي خُطْبَتِهِمْ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: فِي الْخُطْبَةِ.
(¬2) أ، ب، ص، ر: تِسْعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، هـ: تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ ابْنِ التُّومَرْتَ، وَذَكَرْتُ أَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي سَنَةِ مَوْلِدِهِ وَلَكِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 524 وَعُمُرُهُ يَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ 51 عَامًا، 55 عَامًا.
(¬3) ن، م: يُنْسَبُ.
(¬4) هـ: عَبْدُ اللَّهِ.
(¬5) يَقْصِدُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بِهِ عُبَيْدَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ، الَّذِي يَرَى بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّهُ مِنْ نَسْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ، وَيُسَمِّيهِ ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ: " سَعِيدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ بْنِ دَيْصَانَ الْقَدَّاحُ " وَيُذَكَرُ أَنَّهُ غَيَّرَ اسْمَ نَفْسِهِ وَنَسَبَهُ وَقَالَ لِأَتْبَاعِهِ أَنَّهُ: " عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ". وَيَذْكُرُ الْبَعْضُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ هَذَا ابْنُ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ كَانَ يَعْمَلُ حَدَّادًا بِسِلْمِيَّةَ، وَلَمَّا مَاتَ أَبُوهُ تَزَوَّجَتْ أُمُّهُ أَحَدَ الْأَشْرَافِ الْعَلَوِيِّينَ، وَقَامَ هَذَا الشَّرِيفُ بِتَرْبِيَةِ الطِّفْلِ حَتَّى إِذَا كَبِرَ ادَّعَى لِنَفْسِهِ نَسَبًا عَلَوِيًّا. وَقَدْ وُلِدَ عُبَيْدُ اللَّهِ سَنَةَ: 259 وَتُوفِي سَنَةَ: 322 وَهُوَ الَّذِي أَسَّسَ دَوْلَتَهُ بِالْمَغْرِبِ (الَّتِي عُرِفَتْ بِالدَّوْلَةِ الْفَاطِمِيَّةِ) سَنَةَ: 297 وَتَمَكَّنَ خُلَفَاؤُهُ مِنْ فَتْحِ مِصْرَ فِي زَمَنِ الْمُعِزِّ لِدِينِ اللَّهِ الْفَاطِمِيِّ سَنَةَ: 358. انْظُرْ: الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 70، كِتَابَ " طَائِفَةِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ " تَأْلِيفُ الدُّكْتُورِ مُحَمَّد كَامِل حُسَيْن، ط. الْقَاهِرَةِ، 1959، كِتَابَ " نَشْأَةِ الْفِكْرِ الْفَلْسَفِيِّ فِي الْإِسْلَامِ " الدُّكْتُور عَلِي سَامِي النِّشَار 2/478 - 511، ط. الْمَعَارِفِ، الْقَاهِرَةِ، 1964، " الْحَاكِمَ بِأَمْرِ اللَّهِ " لِلْأُسْتَاذِ مُحَمَّد عَبْد اللَّه عَنَان، ص 47 - 75، ط. لَجْنَةِ التَّأْلِيفِ وَالتَّرْجَمَةِ وَالنَّشْرِ، الْقَاهِرَةِ، 1379/1959، الْأَعْلَامَ 4/286، 353.

الصفحة 99