كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

مِنْ ذَلِكَ، يَكُونُ عَلَى النِّعَمِ، وَالْمَدْحُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ؛ وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحُ فَإِنَّهُ تَنْزِيهٌ وَتَعْظِيمٌ، فَإِذَا سَبَّحَ بِحَمْدِهِ جَمَعَ لَهُ (¬1) بَيْنَ هَذَا وَهَذَا كَمَا قَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى حَقِيقَةِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَمَعْنَى التَّسْبِيحِ بِحَمْدِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ *) (¬2) .
وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 26] فَالِاتِّخَاذُ فِعْلٌ مِنَ الْأَفْعَالِ وَقَدْ نَزَّهَ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ عَنْهُ. فَعُلِمَ أَنَّ مِنَ الْأَفْعَالِ مَا نَزَّهَ سُبْحَانَهُ نَفْسَهُ عَنْهُ. وَالْجَبْرِيَّةُ (¬3) عِنْدَهُمْ لَا يُنَزَّهُ عَنْ فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ.
وَفِي حَدِيثِ الْبِطَاقَةِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَغَيْرُهُ (¬4) ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ. قَالَ فِيهِ: " «فَيُنْشَرُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ. ثُمَّ يُقَالُ: لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا بِطَاقَةً؛ فَتُوضَعُ الْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ وَالسِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، فَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ وَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ» " (¬5) فَقَوْلُهُ: ( «لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ» ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُجَازَ بِتِلْكَ
¬_________
(¬1) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (م) ، (ر) ، (ح) ، (ي) .
(¬2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ جَاءَ فِي (ر) ، (ح) ، (ي) فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الصَّحِيحِ.
(¬3) ر، ح: وَالْجَبْرِيِّينَ.
(¬4) وَغَيْرُهُ: زِيَادَةٌ فِي (و) .
(¬5) الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/133 - 134 كِتَابِ الْإِيمَانِ بَابُ فِيمَنْ يَمُوتُ وَهُوَ يَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مِنْ رِوَايَتَيْنِ: رَقْمِ 2776، 2777 وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ الْأُولَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1437 كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمُسْنَدُ ط. الْمَعَارِفِ 11/197 - 200، 12/23 - 24 مُخْتَصَرًا، الْمُسْتَدْرَكُ لِلْحَاكِمِ 1/529 وَقَالَ الْحَاكِمُ: (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ) وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ: (إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا. . الْحَدِيثَ.)

الصفحة 105