كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

[سُورَةُ يس: 8 - 9] .
وَالْآيَاتُ وَالنُّصُوصُ الْمُثْبِتَةُ لِلْقَدَرِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَهَذَا كُلُّهُ حُجَّةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ النَّافِيَةِ، فَصَارَ مَعَ هَؤُلَاءِ نُصُوصٌ يَقُولُونَ بِهَا، وَمَعَ هَؤُلَاءِ نُصُوصٌ. وَكُلٌّ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ يَتَأَوَّلُ نُصُوصَ الْأُخْرَى بِتَأْوِيلَاتٍ فَاسِدَةٍ، وَيُضَمُّ إِلَى النُّصُوصِ الَّتِي يَحْتَجُّ (¬1) بِهَا أُمُورٌ لَا تَدُلُّ عَلَيْهَا النُّصُوصُ.
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ [لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ] وَعُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَآمَنُوا (¬2) بِالْكِتَابِ كُلِّهِ، وَلَمْ يُحَرِّفُوا شَيْئًا مِنَ النُّصُوصِ، وَقَالُوا: نَحْنُ نَقُولُ: " مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ " وَنَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلَّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، فَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ لَهُ (¬3) ، حَادِثٌ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَلَا يَكُونُ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يَشَاؤُهُ وَيَخْلُقُهُ، فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ اللَّهَ عَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَهُ وَيُكَوِّنَهُ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ الْقَهَّارَ {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ]] (¬4) [سُورَةُ فَاطِرٍ: 2] .
وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَيَنْهَى عَنِ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، وَيُحِبُّ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ وَيَرْضَاهُ، وَيَكْرَهُ مَا نَهَى عَنْهُ
¬_________
(¬1) ن، م: الَّتِي احْتَجَّ.
(¬2) ن، م: وَالتَّابِعِينَ وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَآمَنُوا.
(¬3) ن، م: فَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ لَهُ.
(¬4) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (ح) ، (ب) .

الصفحة 311