كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

فَإِنَّ هَذَا [إِنَّمَا] (¬1) يُقَالُ فِي الْمُنَاظِرِينَ (¬2) ، وَأَمَّا رَبُّ الْعَالَمِينَ فَلَا أَحَدَ إِلَّا [وَهُوَ] (¬3) مُقِرٌّ بِفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، ثُمَّ يُقَالُ: قَدْ حَصَلَ بِطَلَبِ الْأَلَذِّ مِنْ شَقَاوَةِ الْأَكْثَرِينَ، مَا كَانَ خَلْقُهُمْ فِي الْجَنَّةِ ابْتِدَاءً بِلَا هَذَا الْأَلَذِّ أَجْوَدَ لَهُمْ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ لَذَّاتٍ عَظِيمَةٍ، إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ.
وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُرْجِئَةِ، الَّذِينَ إِيمَانُهُمْ بِالْوَعِيدِ ضَعِيفٌ، اسْتَرْسَلَتْ نَفْسُهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ، حَتَّى يَكُونَ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ. بِخِلَافِ مَنْ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ، وَعِلْمِهِ بِأَنَّهُ يُحِبُّ الْعِبَادَاتِ، وَأَنَّهُ يُحِبُّ أَفْعَالًا وَأَشْخَاصًا، وَيُبْغِضُ أَفْعَالًا وَأَشْخَاصًا، وَيَرْضَى عَنْ هَؤُلَاءِ، وَيَغْضَبُ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَيَفْرَحُ بِتَوْبَةِ التَّائِبِينَ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ (¬4) الرَّسُولُ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْإِسْلَامُ الَّذِي بِهِ يَشْهَدُ الْعَبْدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْفَرْقِ، فَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهَ مَعْبُودًا مَحْبُوبًا، فَإِنَّمَا يَشْهَدُ (¬5) أَنْ لَا رَبَّ إِلَّا هُوَ، وَالْمُشْرِكُونَ كَانُوا يُقِرُّونَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، لَمْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (¬6) ، وَالرُّسُلُ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بُعِثُوا بِتَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ، الْمُتَضَمِّنُ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ.
[وَأَمَّا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ] (¬7) مُجَرَّدًا، فَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُقِرُّونَ (¬8) بِأَنَّ اللَّهَ (¬9) وَحْدَهُ (¬10) خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْهُمْ [فِي
¬_________
(¬1) إِنَّمَا: زِيَادَةٌ فِي (ب) فَقَطْ.
(¬2) ب فَقَطْ: فِي الْمُتَنَاظِرِينِ.
(¬3) وَهُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬4) ن: مِمَّا جَاءَ بِهِ.
(¬5) فَإِنَّمَا يَشْهَدُ: كَذَا فِي (ح) ، (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: فَإِنَّمَا شَهِدَ.
(¬6) و: إِلَّا هُوَ.
(¬7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(¬8) ح، ر: يُؤْمِنُونَ.
(¬9) ن: بِاللَّهِ.
(¬10) وَحْدَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (و) .

الصفحة 327