كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ] (¬1) .
قَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 38] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [سُورَةُ يُوسُفَ: 106] . وَهَذَا قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
وَهَؤُلَاءِ يَدَّعُونَ مَحَبَّةَ اللَّهِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَيُعَظِّمُونَ أَمْرَ مَحَبَّتِهِ، وَيَسْتَحِبُّونَ السَّمَاعَ بِالْغِنَاءِ وَالدُّفُوفِ وَالشَّبَّابَاتِ، وَيَرَوْنَهُ قُرْبَةً ; لِأَنَّ ذَلِكَ بِزَعْمِهِمْ يُحَرِّكُ مَحَبَّةَ اللَّهِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَإِذَا حُقِّقَ أَمْرُهُمْ وُجِدَتْ مَحَبَّتُهُمْ تُشْبِهُ مَحَبَّةَ الْمُشْرِكِينَ لَا مَحَبَّةَ الْمُوَحِّدِينَ، فَإِنَّ مَحَبَّةَ الْمُوَحِّدِينَ بِمُتَابَعَةِ الرَّسُولِ وَالْمُجَاهَدَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 31] .
وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 24] .
وَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 54] .
وَهَؤُلَاءِ لَا يُحَقِّقُونَ مُتَابَعَةَ الرَّسُولِ، وَلَا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَلْ كَثِيرٌ
¬_________
(¬1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .

الصفحة 328