كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

الْجَمْعِ، فَإِنَّ مَا فَعَلَهُ الْمُطَاعُ بِجُنْدِهِ يُقَالُ فِيهِ: نَحْنُ نَفْعَلُ كَذَا، وَالْمَلَائِكَةُ رُسُلُ اللَّهِ فِيمَا يَخْلُقُهُ وَيَأْمُرُ بِهِ، فَمَا خَلَقَهُ وَأَمَرَ بِهِ بِوَاسِطَةِ رُسُلِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ فِيهِ: نَحْنُ فَعَلْنَا، كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [سُورَةُ الْقِيَامَةِ: 18] .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي قَلْبِكَ، ثُمَّ أَنْ (¬1) نَقْرَأَهُ بِلِسَانِكَ، فَإِذَا قَرَأَهُ جِبْرِيلُ فَاسْتَمِعْ لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ (¬2) .
كَمَا قَالَ (¬3) فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [سُورَةُ طه: 114] أَيْ: لَا تَعْجَلْ بِتِلَاوَةِ مَا يَقْرَؤُهُ جِبْرِيلُ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْضِيَ جِبْرِيلُ تِلَاوَتَهُ، بَلِ اسْتَمِعْ لَهُ حَتَّى يَقْضِيَ (¬4) تِلَاوَتَهُ، ثُمَّ
¬_________
(¬1) أَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ب) .
(¬2) الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ -، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي الْبُخَارِيِّ 1/4 (كِتَابُ بَدْءِ الْوَحْيِ، بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ. .) ، 6/163 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْقِيَامَةِ) 9/152 - 153 (كِتَابُ التَّوْحِيدِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لَا تُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَكَ. .) ، وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي مُسْلِمٍ 1/330 - 331 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ الِاسْتِمَاعِ لِلْقِرَاءَةِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/278، (مُخْتَصَرًا) 5/69 وَأَوْرَدَ ابْنُ كَثِيرٍ الْحَدِيثَ فِي تَفْسِيرٍ (ط. الشَّعْبِ) 5/312، 8/303 - 304 وَلَفْظُ الْحَدِيثِ فِي إِحْدَى رِوَايَاتِهِ (الْبُخَارِيِّ 6/163) : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ الَّتِي فِي (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) : لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ [سُورَةُ الْقِيَامَةِ: 16، 17] قَالَ: عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ (وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِع (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ. قَالَ: فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ ".
(¬3) ح، ب: كَمَا قِيلَ.
(¬4) ح، ب: تُقْضَى.

الصفحة 381