كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

الْمِثَالِ الْعِلْمِيِّ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ بِحَسَبِ إِيمَانِهِمْ بِهِ.
وَمِمَّا يُشْبِهُ الْمِثَالَ الْعِلْمِيَّ رُؤْيَةُ الرَّبِّ تَعَالَى (¬1) فِي الْمَنَامِ، فَإِنَّهُ يُرَى فِي صُوَرٍ (¬2) مُخْتَلِفَةٍ، يَرَاهُ كُلُّ عَبْدٍ (¬3) عَلَى حَسَبِ إِيمَانِهِ، وَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْظَمَ إِيمَانًا مِنْ غَيْرِهِ رَآهُ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَهِيَ رُؤْيَةُ مَنَامٍ بِالْمَدِينَةِ، كَمَا نَطَقَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الْمَأْثُورَةُ عَنْهُ (¬4) ، وَأَمَّا لَيْلَةُ الْمِعْرَاجِ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَعْرُوفَةِ أَنَّهُ رَآهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، لَكِنْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي " إِبْطَالِ التَّأْوِيلِ " (¬5) ، وَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الرُّؤْيَةِ هُوَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
¬_________
(¬1) و: رُؤْيَةُ الْحَقِّ.
(¬2) ن، م، ر: صُورَةٍ.
(¬3) كُلُّ عَبْدٍ كَذَا فِي (و) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: يَرَاهُ الْعَبْدُ.
(¬4) رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (ط. الْمَعَارِفِ) 4/201 (رَقَمْ 2580) ، 221 (رَقْمُ 2634) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " رَأَيْتُ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى ". وَصَحَّحَ أَحْمَدْ شَاكِرْ الْحَدِيثَيْنِ وَقَالَ: " وَهُوَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ 1/78 وَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ "، وَعَقَدَ أَبُو بَكْرٍ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي " كِتَابِ السُّنَّةِ " فَصْلًا بِعُنْوَانِ " بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ تَعَالَى " (ص 188 - 193) أَوْرَدَ فِيهِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَقْمُ 433) وَقَدْ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ وَقَالَ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والْآجُرِّيُّ (ص 494) وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ " (ص 444) وَالضِّيَاءُ فِي " الْمُخْتَارَةِ "، وَانْظُرْ كَلَامَ الْأَلْبَانِيِّ عَلَى بَاقِي الْأَحَادِيثِ، وَقَدْ عَلَّقَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 3/168 عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ: " يَعْنِي فِي الْمَنَامِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ الْأُخْرَى ".
(¬5) سَبَقَتْ تَرْجَمَةُ أَبِي يَعْلَى 1/142 وَكِتَابُهُ " إِبْطَالُ التَّأْوِيلِ "، ذَكَرَهُ بروكلمان GAL الْمُلْحَقَ 3/503 وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَوْجُودٌ. عَلَى أَنَّهُ ظَهَرَ مَخْطُوطًا مُؤَخَّرًا، وَهُوَ مَوْضِعُ رِسَالَةٍ لِلدُّكْتُورَاةِ (دِرَاسَةٌ وَتَحْقِيقٌ) مُقَدَّمَةٌ إِلَى قِسْمِ الْعَقِيدَةِ بِكُلِّيَّةِ أُصُولِ الدِّينِ بِجَامِعَةِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ سُعُودٍ الْإِسْلَامِيَّةِ.

الصفحة 384