كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

وَأَمْثَالُهُ (¬1) مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ يُثْبِتُ الرُّؤْيَةَ لِلَّهِ، وَيُفَسِّرُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى] (¬2) .
وَهَذِهِ اللَّذَّةُ أَيْضًا ثَابِتَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، لَكِنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ فِي تَحْقِيقِهَا، وَإِثْبَاتِ غَيْرِهَا مِنْ لَذَّاتِ الْآخِرَةِ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَأَمَّا أَبُو الْمَعَالِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَنَحْوُهُمَا فَيُنْكِرُونَ أَنْ يَلْتَذَّ أَحَدٌ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ (¬3) مَعَ النَّظَرِ إِلَيْهِ لَذَّةٌ بِبَعْضِ
¬_________
(¬1) م: الْفَارَابِيِّ وَأَبِي حَامِدٍ وَأَمْثَالِهِ، وَيَقُولُ الدُّكْتُورُ إِبْرَاهِيمُ مَدْكُور فِي كِتَابِهِ " فِي الْفَلْسَفَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ: مَنْهَجٌ وَتَطْبِيقٌ ص 35 - 36 ط. عِيسَى الْحَلَبِيِّ 1367 - 1947 " لَعَلَّ أَخَصَّ خَصَائِصِ النَّظَرِيَّةِ الصُّوفِيَّةِ الَّتِي قَالَ بِهَا الْفَارَابِيُّ إِنَّهَا قَائِمَةٌ عَلَى أَسَاسٍ عَقْلِيٍّ فَلَيْسَ تَصَوُّفُهُ بِالتَّصَوُّفِ الرُّوحِيِّ الْبَحْتِ الَّذِي يَقُومُ عَلَى مُحَارَبَةِ الْجِسْمِ وَالْبُعْدِ عَنِ اللَّذَائِذِ لِتَطْهُرَ النَّفْسُ وَتَرْقَى فِي مَدَارِجِ الْكَمَالِ، بَلْ هُوَ تَصَوُّفٌ نَظَرِيٌّ يَعْتَمِدُ عَلَى الدِّرَاسَةِ وَالتَّأَمُّلِ. . إِلَخْ "، وَيَقُولُ الْفَارَابِيُّ فِي " كِتَابِ آرَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْفَاضِلَةِ " ص 16 - 17 ط. مَكْتَبَةِ الْحُسَيْنِ التِّجَارِيَّةِ، الطَّبْعَةُ الثَّانِيَةُ 1368 1948 " وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ وُجُودُهُ أَفْضَلُ الْوُجُودِ، فَجَمَالُهُ فَائِتٌ لِجَمَالِ كُلِّ ذِي الْجَمَالِ، وَكَذَلِكَ زِينَتُهُ وَبَهَاؤُهُ، وَاللَّذَّةُ وَالسُّرُورُ وَالْغِبْطَةُ إِنَّمَا يُنْتَجُ وَيَحْصُلُ أَكْثَرَ بِأَنْ يُدْرَكَ الْأَجْمَلُ وَالْأَبْهَى وَالْأَزْيَنُ بِالْإِدْرَاكِ الْأَتْقَنِ وَالْأَتَمِّ، فَإِذَا كَانَ هُوَ الْأَجْمَلَ فِي النِّهَايَةِ وَالْأَبْهَى وَالْأَزْيَنَ، فَإِدْرَاكُهُ لِذَاتِهِ الْإِدْرَاكُ الْأَتْقَنُ فِي الْغَايَةِ وَعِلْمُهُ بِجَوْهَرِهِ الْعِلْمُ الْأَفْضَلُ. . لَذَّةٌ لَا نَفْهَمُ نَحْنُ كُنْهَهَا وَلَا نَدْرِي مِقْدَارَ عِظَمِهَا إِلَّا بِالْقِيَاسِ وَالْإِضَافَةِ إِلَى مَا نَجِدُهُ مِنَ اللَّذَّةِ عِنْدَمَا نَكُونُ قَدْ أَدْرَكْنَا مَا هُوَ عِنْدَنَا أَكْمَلُ وَأَبْهَى إِدْرَاكًا وَأَتْقَنُ وَأَتَمُّ. . إِلَخْ ".
(¬2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(¬3) وَ: أَنْ نَجْعَلَ.

الصفحة 391