كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

أَنَّهُ إِلَهُهُ، قَالَ تَعَالَى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ عَابِدًا لِلَّهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِينًا بِهِ ; وَلِهَذَا كَانَ هَذَا فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَقُولَهُ فِي صِلَاتِهِ.
وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الرَّبِّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ (¬1) الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِائَةَ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ، جَمَعَ سِرَّهَا فِي الْأَرْبَعَةِ، وَجَمَعَ سِرَّ الْأَرْبَعَةِ فِي الْقُرْآنِ، وَجَمَعَ سِرَّ (¬2) الْقُرْآنِ فِي الْفَاتِحَةِ، وَجَمَعَ (¬3) سِرَّ الْفَاتِحَةِ فِي هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ: [ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ] (¬4) ; وَلِهَذَا ثَنَّاهَا اللَّهُ [فِي كِتَابِهِ] (¬5) فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [سُورَةُ هُودٍ: 123] ، وَقَوْلِهِ: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [سُورَةُ هُودٍ: 88] ، وَقَوْلِهِ: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [سُورَةُ الرَّعْدِ: 30] ، وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [سُورَةُ الطَّلَاقِ: 2 - 3] وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.
وَهُمْ يَتَأَوَّلُونَ مَحَبَّتَهُ عَلَى مَحَبَّةِ عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: فَيَمْتَنِعُ فِي الْفِطْرَةِ أَنْ يُحِبَّ الْإِنْسَانُ طَاعَةَ مُطَاعٍ وَعِبَادَتَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلَّهِ، وَإِلَّا فَمَا لَا يُحَبُّ فِي نَفْسِهِ (¬6) لَا يُحِبُّ الْإِنْسَانُ لَا
¬_________
(¬1) عَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) .
(¬2) سِرَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (و) ، (ر) .
(¬3) و، ح، ر، ي: وَجَعَلَ.
(¬4) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ح) ، (ر) ، (ب) فَقَطْ.
(¬5) فِي كِتَابِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(¬6) ح، ب: فَمَا لَا يُحَبُّ لِنَفْسِهِ.

الصفحة 394