كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

وَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا، وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» (¬1) .
وَيُوجَدُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَحْلِفُ بِنِدٍّ جَعَلَهُ لِلَّهِ، وَيَنْذِرُ لَهُ، وَيُوَالِي فِي مَحَبَّتِهِ، وَيُعَادِي مَنْ يُبْغِضُهُ، وَيَحْلِفُ بِهِ فَلَا يَكْذِبُ، وَيُوفِي بِمَا نَذَرَهُ لَهُ (¬2) ، وَهُوَ يَكْذِبُ إِذَا حَلَفَ بِاللَّهِ، وَلَا يُوفِي بِمَا نَذَرَهُ لِلَّهِ، وَلَا يُوَالِي فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَلَا يُعَادِي فِي اللَّهِ، كَمَا يُوَالِي وَيُعَادِي لِذَلِكَ النِّدِّ.
فَمَنْ قَالَ: إِنِّي لَا أَجِدُ فِي قَلْبِي أَنَّ اللَّهَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا سِوَاهُ، فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فَيَكُونُ كَافِرًا مُخَلَّدًا فِي النَّارِ، مِنَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَالِطًا فِي قَوْلِهِ: لَا أَجِدُ فِي قَلْبِي هَذَا.

وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَكُونُ فِي قَلْبِهِ مَعَارِفُ وَإِرَادَاتٌ، وَلَا يَدْرِي أَنَّهَا فِي قَلْبِهِ، فَوُجُودُ الشَّيْءِ فِي الْقَلْبِ شَيْءٌ، وَالدِّرَايَةُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ ; وَلِهَذَا يُوجَدُ الْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ يَطْلُبُ تَحْصِيلَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي قَلْبِهِ، فَتَرَاهُ يَتْعَبُ تَعَبًا كَثِيرًا لِجَهْلِهِ، وَهَذَا كَالْمُوَسْوَسِ (¬3) فِي الصَّلَاةِ ; فَإِنَّ كُلَّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا بِاخْتِيَارِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُهُ (¬4) ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ، وَوُجُودُ ذَلِكَ بِدُونِ النِّيَّةِ - الَّتِي هِيَ الْإِرَادَةُ - مُمْتَنِعٌ، فَمَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا وَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ (¬5) ،
¬_________
(¬1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/523 وَانْظُرْ هَذَا الْجُزْءَ، ص 21
(¬2) ن، م: بِمَا نَذَرَ لَهُ.
(¬3) ن، م: مَا فَعَلَهُ.
(¬4) وَ: كَالْوَسْوَسَةِ.
(¬5) وُ: مُرِيدٌ لِلصَّلَاةِ.

الصفحة 398