كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

قَالَ تَعَالَى (¬1) : {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 24] ، فَتَوعَّدَ مَنْ كَانَ الْأَهْلُ وَالْمَالُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ (¬2) حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَمَنْ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ» " (¬3) .
فَوُجُودُ حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ لَا تَكُونُ مِنْ مَحَبَّةِ الْعِوَضِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بَعْدُ، بَلِ الْفَاعِلُ الَّذِي لَا يَعْمَلُ إِلَّا لِلْكِرَاءِ لَا يَجِدُ حَالَ الْعَمَلِ إِلَّا التَّعَبَ وَالْمَشَقَّةَ وَمَا يُؤْلِمُهُ، فَلَوْ كَانَ لَا مَعْنَى لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَّا مَحَبَّةَ
¬_________
(¬1) ن، م: وَقَالَ تَعَالَى.
(¬2) بِهِنَّ سَاقِطَةٌ مِنْ (و) ، (ب) .
(¬3) جَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 1/8 (كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ) ، 1/9 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ. . .) 9/20، (كِتَابُ الْإِكْرَاهِ، بَابُ مَنِ اخْتَارَ الضَّرْبَ. . .) ، مُسْلِمٍ 1/66، (كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ بَيَانِ خِصَالِ. . .) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1338 - 1339 (كِتَابُ الْفِتَنِ بَابُ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ) . وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا وَلَكِنْ بِلَفْظِ: " لَا يَجِدُ أَحَدٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَحَتَّى أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، وَحَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا "، وَذَلِكَ فِي: الْبُخَارِيِّ 8/14 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ) .

الصفحة 402