كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

فَمَا خَلَقَ شَيْئًا إِلَّا لِحِكْمَةٍ، وَهُوَ سُبْحَانُهُ قَدْ قَالَ: {أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: 7] ، وَقَالَ: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [سُورَةُ النَّمْلِ: 88] .
وَلَيْسَ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى إِلَّا اسْمٌ يُمْدَحُ بِهِ ; وَلِهَذَا كَانَتْ كُلُّهَا حُسْنَى، وَالْحُسْنَى بِخِلَافِ السُّوأَى، فَكُلُّهَا حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنُ مَحْبُوبٌ مَمْدُوحٌ.
فَالْمَقْصُودُ بِالْخَلْقِ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَذَلِكَ أَمْرٌ مَمْدُوحٌ، وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ مِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ مَا يُرِيدُهُ ; لِأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ مَا يُحِبُّهُ وَوَسَائِلِهِ، فَإِنَّ وُجُودَ الْمَلْزُومِ بِدُونِ اللَّازِمِ مُمْتَنِعٌ، كَمَا يَمْتَنِعُ وُجُودُ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ بِلَا حَيَاةٍ، وَيَمْتَنِعُ وُجُودُ الْمَوْلُودِ -[مَعَ كَوْنِهِ مَوْلُودًا] (¬1) - بِلَا وِلَادَةٍ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، حَدِيثِ الِاسْتِفْتَاحِ: " «وَالْخَيْرُ كُلُّهُ (¬2) بِيَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» " (¬3) وَقَدْ قِيلَ: فِي تَفْسِيرِهِ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْأَعْمَالُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا، وَقَدْ قِيلَ:
¬_________
(¬1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(¬2) كُلُّهُ فِي (ن) ، (م) ، فَقَطْ.
(¬3) الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: مُسْلِمٍ 1/534 - 536 (كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، بَابُ الدُّعَاءِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقِيَامِهِ) وَنَصُّهُ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: " وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ. . الْحَدِيثَ وَفِيهِ: " لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ". وَرَوَى أَحْمَدُ الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ " ط. الْمَعَارِفِ " 2/134 - 135 (الْأَرْقَامُ 803 - 805) . وَانْظُرْ مِشْكَاةَ الْمَصَابِيحِ لِلتِّبْرِيزِيِّ (ط. دِمَشْقَ) 1/255 - 257 الْأَذْكَارَ لِلنَّوَوِيِّ ص 43

الصفحة 409