كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

لَا يُضَافُ إِلَيْكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْمَخْلُوقُ.
وَالشَّرُّ الْمَخْلُوقُ لَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ مُجَرَّدًا عَنِ الْخَيْرِ [قَطُّ] (¬1) ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ عَلَى أَحَدِ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: إِمَّا مَعَ إِضَافَتِهِ إِلَى الْمَخْلُوقِ، كَقَوْلِهِ: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [سُورَةُ الْفَلَقِ: 2] ، وَإِمَّا مَعَ حَذْفِ الْفَاعِلِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [سُورَةُ الْجِنِّ: 10] .
وَمِنْهُ فِي الْفَاتِحَةِ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [سُورَةُ الْفَاتِحَةِ: 7] ، فَذَكَرَ الْإِنْعَامَ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَذَكَرَ الْغَضَبَ مَحْذُوفًا فَاعِلُهُ، وَذَكَرَ الضَّلَالَ مُضَافًا إِلَى الْعَبْدِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 80] .
وَإِمَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 102] ; وَلِهَذَا إِذَا ذُكِرَ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ قُرِنَ بِالْخَيْرِ، كَقَوْلِهِ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى: الضَّارُّ، النَّافِعُ، الْمُعْطِي، الْمَانِعُ، [الْخَافِضُ، الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ، الْمُذِلُّ، فَجَمَعَ (¬2) بَيْنَ الِاسْمَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُمُومِ (¬3) وَالشُّمُولُ الدَّالُّ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ وَحْدَهُ يَفْعَلُ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ; وَلِهَذَا لَا يُدْعَى بِأَحَدِ الِاسْمَيْنِ: كَالضَّارِّ، وَالنَّافِعِ، وَالْخَافِضِ، وَالرَّافِعِ، بَلْ يُذْكُرَانِ جَمِيعًا] (¬4) . وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلًا، وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلًا.
¬_________
(¬1) قَطُّ: زِيَادَةٌ فِي (و) .
(¬2) و، م: فَيَجْمَعُ.
(¬3) لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُمُومِ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: لِمَا فِي الْعُمُومِ.
(¬4) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .

الصفحة 410