كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

صَفِيَّةَ لَيْلًا، قَالَ: " عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ (¬1) [بِنْتُ حُيَيٍّ] (¬2) " ثُمَّ قَالَ: " إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» " (¬3) .
وَمَقْصُودُ الصِّدِّيقِ بِذَلِكَ: إِنِّي لَسْتُ مَعْصُومًا كَالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا حَقٌّ.
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: كَيْفَ تَجُوزُ إِمَامَةُ مَنْ يَسْتَعِينُ عَلَى تَقْوِيمِهِ بِالرَّعِيَّةِ؟ كَلَامُ جَاهِلٍ بِحَقِيقَةِ الْإِمَامَةِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ هُوَ رَبًّا لِرَعِيَّتِهِ (¬4) حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُمْ، وَلَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ. وَإِنَّمَا هُوَ وَالرَّعِيَّةُ شُرَكَاءُ يَتَعَاوَنُونَ هُمْ وَهُوَ عَلَى مَصْلَحَةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إِعَانَتِهِمْ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ إِعَانَتِهِ، كَأَمِيرِ الْقَافِلَةِ الَّذِي يَسِيرُ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ: إِنْ سَلَكَ بِهِمُ الطَّرِيقَ اتَّبَعُوهُ، وَإِنْ أَخْطَأَ عَنِ الطَّرِيقِ (¬5) نَبَّهُوهُ وَأَرْشَدُوهُ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ صَائِلٌ يَصُولُ عَلَيْهِمْ تَعَاوَنَ هُوَ وَهُمْ عَلَى دَفْعِهِ، لَكِنْ إِذَا كَانَ أَكْمَلَهُمْ عِلْمًا وَقُدْرَةً وَرَحْمَةً كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِأَحْوَالِهِمْ.
¬_________
(¬1) ح، ب: لَصَفِيَّةُ.
(¬2) بِنْتُ حُيَيٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬3) الْحَدِيثُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الْبُخَارِيِّ 4/124 (كِتَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ بَابُ صِفَةِ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ) ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي الْبُخَاريِّ 3/50 (كِتَابُ الِاعْتِكَافِ، بَابُ زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكَافِهِ، بَابُ هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ) 9/70 (كِتَابُ الْأَحْكَامِ، بَابُ الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ. .) . وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ.
(¬4) ح، ب: رَبَّ الرَّعِيَّةِ.
(¬5) ح، ر: فِي الطَّرِيقِ.

الصفحة 463