كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

يُخَالِفُهُمْ فِيهِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ كَانَ مَعَهُمْ، كَمَا أَشَارَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ بِأُمُورٍ، مِثْلِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِ دُونَ الْمُبَايَعَةِ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَأَنْ لَا يُقَاتِلَ بِصِفِّينَ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْزِلَ مُعَاوِيَةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ.
وَفِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ السِّيَاسَةَ انْتَظَمَتْ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ مَا لَمْ تَنْتَظِمْ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَإِنْ كَانَ هَذَا لِكَمَالِ الْمُتَوَلِّي وَكَمَالِ الرَّعِيَّةِ، كَانُوا هُمْ وَرَعِيَّتُهُمْ أَفْضَلَ. وَإِنْ كَانَ لِكَمَالِ الْمُتَوَلِّي وَحْدَهُ، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي فَضْلِهِمْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِفَرْطِ نَقْصِ رَعِيَّةِ عَلِيٍّ، كَانَ رَعِيَّةُ عَلِيٍّ أَنْقَصَ مِنْ رَعِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.
وَرَعِيَّتُهُ هُمُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ، وَأَقَرُّوا بِإِمَامَتِهِ. وَرَعِيَّةُ الثَّلَاثَةِ كَانُوا مُقِرِّينَ بِإِمَامَتِهِمْ. فَإِذَا كَانَ الْمُقِرُّونَ بِإِمَامَةِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلَ مِنَ الْمُقِرِّينَ بِإِمَامَةِ عَلِيٍّ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ.
وَأَيْضًا فَقَدِ انْتَظَمَتِ السِّيَاسَةُ لِمُعَاوِيَةَ (¬1) مَا لَمْ تَنْتَظِمْ لِعَلِيٍّ، فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ رَعِيَّةُ مُعَاوِيَةَ خَيْرًا مِنْ رَعِيَّةِ عَلِيٍّ، وَرَعِيَّةُ مُعَاوِيَةَ شِيعَةُ عُثْمَانَ، وَفِيهِمُ النَّوَاصِبُ الْمُبْغِضُونَ لِعَلِيٍّ، فَتَكُونُ شِيعَةُ عُثْمَانَ وَالنَّوَاصِبُ أَفْضَلَ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ، فَيَلْزَمُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّلَاثَةُ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ شِيعَةُ عُثْمَانَ وَالنَّوَاصِبُ أَفْضَلَ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَالرَّوَافِضِ.
وَأَيُّهُمَا كَانَ لَزِمَ فَسَادُ مَذْهَبِ الرَّافِضَةِ ; فَإِنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ عَلِيًّا أَكْمَلُ
¬_________
(¬1) ن، م: انْتَظَمَتِ الْأُمُورُ لِمُعَاوِيَةَ.

الصفحة 466