كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ جَهَّزَ جَيْشَ أُسَامَةَ قَبْلَ أَنْ يَمْرَضَ، فَإِنَّهُ أَمَّرَهُ عَلَى جَيْشٍ عَامَّتُهُمُ الْمُهَاجِرُونَ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانُوا (¬1) ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَى أَهْلِ مُؤْتَةَ، وَعَلَى جَانِبِ فِلَسْطِينَ، حَيْثُ أُصِيبَ أَبُوهُ، وَجَعْفَرٌ، وَابْنُ رَوَاحَةَ، فَتَجَهَّزَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ لِلْغَزْوِ، وَخَرَجَ فِي ثِقَلِهِ إِلَى الْجَرْفِ، وَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا لِشَكْوَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسَامَةَ فَقَالَ: " «اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَالنَّصْرِ وَالْعَافِيَةِ. ثُمَّ أَغِرْ (¬2) حَيْثُ أَمَرْتُكَ أَنْ تُغِيرَ " قَالَ أُسَامَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَصْبَحْتَ ضَعِيفًا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ عَافَاكَ، فَأْذَنْ لِي فَأَمْكُثُ حَتَّى يَشْفِيَكَ اللَّهُ، فَإِنِّي إِنْ خَرَجْتُ وَأَنْتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ خَرَجْتُ وَفِي نَفْسِي مِنْكَ قُرْحَةٌ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْكَ النَّاسَ " فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، فَلَمَّا جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ لِلْخِلَافَةِ أَنْفَذَهُ مَعَ ذَلِكَ الْجَيْشِ، غَيْرَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي (¬3) أَنْ يَأْذَنَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْإِقَامَةِ ; لِأَنَّهُ ذُو رَأْيٍ نَاصِحٍ لِلْإِسْلَامِ، فَأَذِنَ لَهُ، وَسَارَ أُسَامَةُ لِوَجْهِهِ الَّذِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَصَابَ فِي ذَلِكَ (¬4) الْعَدُوِّ مُصِيبَةً عَظِيمَةً، وَغَنِمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَتَلَ قَاتِلَ أَبِيهِ، وَرَدَّهُمُ اللَّهُ سَالِمِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ» .
¬_________
(¬1) ح، ب: وَكَانَ.
(¬2) ن، م: ثُمَّ أَغِرْ.
(¬3) فِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) .
(¬4) ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ي) .

الصفحة 488