كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِثْلُ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرِهِ، إِجْمَاعَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الصِّدِّيقَ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ. وَهَذَا بَيِّنٌ، فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي وَلَايَتِهِ فِي مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَصَّلَهَا هُوَ بِعِلْمٍ يُبَيِّنُهُ لَهُمْ، وَحُجَّةٍ يَذْكُرُهَا لَهُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، كَمَا بَيَّنَ لَهُمْ مَوْتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَثْبِيتَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، وَقِرَاءَتَهُ عَلَيْهِمُ الْآيَةَ (¬1) ، ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ مَوْضِعَ دَفْنِهِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ قِتَالَ مَانِعِي الزَّكَاةَ [لَمَّا اسْتَرَابَ فِيهِ عُمَرُ] (¬2) ، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْخِلَافَةَ فِي قُرَيْشٍ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، لَمَّا ظَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا تَكُونُ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ.
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَوَّلِ حَجَّةٍ حُجَّتْ مِنْ مَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعِلْمُ الْمَنَاسِكِ أَدَقُّ مَا (¬3) فِي الْعِبَادَاتِ، وَلَوْلَا سَعَةُ عِلْمِهِ بِهَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ اسْتَخْلَفَهُ فِيهَا، وَلَوْلَا عِلْمُهُ بِهَا لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ، وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ غَيْرَهُ لَا فِي حَجٍّ وَلَا فِي صَلَاةٍ.
وَكِتَابُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهُ أَنَسٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ. وَهُوَ أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِيهَا، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْفُقَهَاءُ.
وَفِي الْجُمْلَةِ لَا يُعْرَفُ لِأَبِي بَكْرٍ مَسْأَلَةٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ غَلِطَ فِيهَا، وَقَدْ عُرِفَ لِغَيْرِهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ، كَمَا بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.
وَقَدْ تَنَازَعَتِ الصَّحَابَةُ بَعْدَهُ فِي مَسَائِلَ: مِثْلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ، وَمِثْلِ
¬_________
(¬1) فِي هَامِشِ (ر) ، (ي) كُتِبَ أَمَامَ هَذَا الْمَوْضِعِ، " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ. .) الْآيَةَ.
(¬2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬3) مَا سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ي) .

الصفحة 497