كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)
[وَكَانَ الْإِسْرَاءُ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ] (¬1) . وَقَالَ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى - مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى - وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [سُورَةُ النَّجْمِ] إِلَى قَوْلِهِ: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى - وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى - عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 12 - 14] إِلَى قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 19] وَهَذَا كُلُّهُ نَزَلَ بِمَكَّةَ بِإِجْمَاعِ النَّاسِ.
وَقَوْلُهُ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ " قَالَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهِيَ آخِرُ الْغَزَوَاتِ عَامَ تِسْعٍ مِنِ الْهِجْرَةِ. فَكَيْفَ يُقَالُ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ سَمِعُوا قَوْلَهُ: " «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» "؟ .
ثُمَّ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ عَلَى الْمَدِينَةِ مُشْتَرَكٌ، فَكُلُّ الِاسْتِخْلَافَاتِ الَّتِي قَبْلَ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَبَعْدَ تَبُوكَ كَانَ يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُطِيعِينَ (¬2) يَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ. وَغَزْوَةُ (¬3) تَبُوكَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مُطِيعٌ إِلَّا مَنْ عَذَرَهُ اللَّهُ مِمَّنْ هُوَ عَاجِزٌ عَنِ الْجِهَادِ، فَكَانَ الْمُسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَقَلَّ وَأَضْعَفَ مِنَ الْمُسْتَخْلَفِ عَلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ وَمَغَازِيهِ وَعُمَرِهِ وَحَجِّهِ، وَقَدْ سَافَرَ [النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (¬4) مِنَ الْمَدِينَةِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ سَفْرَةٍ، وَهُوَ يَسْتَخْلِفُ فِيهَا مَنْ يَسْتَخْلِفُهُ، كَمَا اسْتَخْلَفَ فِي غَزْوَةِ الْأَبْوَاءِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ (¬5) ، وَاسْتَخْلَفَ فِي غَزْوَةِ (¬6)
¬_________
(¬1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬2) الْمُطِيعِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(¬3) وَغَزْوَةُ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَفِي غَزْوَةِ.
(¬4) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(¬5) انْظُرْ فِي ذَلِكَ: جَوَامِعَ السِّيرَةِ لِابْنِ حَزْمٍ، ص [0 - 9] 00
(¬6) ن، م، و: وَفِي غَزْوَةِ.
الصفحة 67