كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)
ثُمَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُحِبِّينَ لَهُ الَّذِينَ رَأَوْهُ وَقَاتَلُوا مَعَهُ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَكَانَ هُوَ دَائِمًا يَذُمُّهُمْ وَيَعِيبُهُمْ (¬1) وَيَطْعَنُ عَلَيْهِمْ وَيَتَبَرَّأُ مِنْ فِعْلِهِمْ بِهِ (¬2) ، وَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُبْدِلَهُ بِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ، وَيُبْدِلَهُمْ بِهِ شَرًّا مِنْهُ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا ذُنُوبُهُمْ بِتَخَاذُلِهِمْ فِي الْقِتَالِ مَعَهُ وَمَعْصِيَتِهِمْ لِأَمْرِهِ. فَإِذَا كَانَ أُولَئِكَ خِيَارَ الشِّيعَةِ وَعَلِيٌّ يُبَيِّنُ أَنَّ تِلْكَ الذُّنُوبَ تَضُرُّهُمْ فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا لِمَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ أُولَئِكَ؟ .
وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا (¬3) الْقَوْلُ كُفْرٌ ظَاهِرٌ (¬4) يُسْتَتَابُ صَاحِبُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ هَذَا مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " «وَبُغْضُهُ سَيِّئَةٌ لَا يَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ» " فَإِنَّ مَنْ أَبْغَضَهُ إِنْ كَانَ كَافِرًا فَكُفْرُهُ هُوَ الَّذِي أَشْقَاهُ، وَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا نَفَعَهُ إِيمَانُهُ وَإِنْ أَبْغَضَهُ (¬5) .
وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ (¬6) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ [أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:] (¬7) حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ يَوْمًا خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ، وَمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. وَقَوْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ: «أَنَا وَهَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ» . هُمَا حَدِيثَانِ
¬_________
(¬1) وَيَعِيبُهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬2) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (م) .
(¬3) أ، ب: وَبِالْجُمْلَةِ هَذَا.
(¬4) ظَاهِرٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(¬5) هُنَا يَنْتَهِي السَّقْطُ الطَّوِيلُ فِي (ح) ، (ر) ، (ي) .
(¬6) ح، ر: وَمِنْهَا الَّذِي ذَكَرَهُ، ي: وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ.
(¬7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (أ) ، (ي) .
الصفحة 75