كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 5)

مَوْضُوعَانِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ (¬1) . وَعِبَادَةُ سَنَةٍ فِيهَا الْإِيمَانُ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كُلَّ يَوْمٍ وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يَقُومُ مَقَامَهُ حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ شَهْرًا؛ فَضْلًا عَنْ حُبِّهِمْ يَوْمًا.
وَكَذَلِكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ قَامَتْ بِالرُّسُلِ فَقَطْ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 165] . وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الرُّسُلِ وَالْأَئِمَّةِ أَوِ الْأَوْصِيَاءِ (¬2) أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ النَّارَ " مِنْ أَبْيَنِ الْكَذِبِ (¬3) بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ (¬4) ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى حُبِّ عَلِيٍّ لَمْ يَنْفَعْهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَعْمَلُوا صَالِحًا، وَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ دَخَلُوا الْجَنَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا عَلِيًّا بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِقُلُوبِهِمْ لَا حُبُّهُ وَلَا بُغْضُهُ.
¬_________
(¬1) لَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ. أَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَقَدْ وَصَفَهُ بِالْوَضْعِ وَتَكَلَّمَ عَلَى رُوَاتِهِ الْوَضَّاعِينَ كُلٌّ مِنِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ 1/382 - 383 وَالسُّيُوطِيِّ فِي اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ، 1/365 - 366 وَالشَّوْكَانِيِّ فِي الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ ص 373. وَلَمْ يَنْقُلِ ابْنُ تَيْمِيَةَ كَعَادَتِهِ كَلَامَ ابْنِ الْمُطَهَّرِ بِنَصِّهِ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ كَلَامَهُ هُنَا مُبَاشَرَةً مَعَ الرَّدِّ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ؛ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ فِي ك ص 131 (م) ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَوْمًا خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ، وَمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: أَنَا وَهَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ.
(¬2) أَوِ الْأَوْصِيَاءِ: كَذَا فِي (أ) ، (ي) (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَالْأَوْصِيَاءِ.
(¬3) و: الْمَكْذُوبَاتِ، وَهَذَا الْكَلَامُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُطَهَّرِ فِي (ك) ، ص 131 (م) بِهَذَا النَّصِّ، وَلَمْ يُفْرِدْهُ ابْنُ تَيْمِيَةَ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ كَعَادَتِهِ مِنْ قَبْلُ.
(¬4) ن، م: أَهْلِ الْعِلْمِ، و: أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.

الصفحة 76